أراده تعلم كيفيته وشرطه، وقيل: إن لم يعلم ذلك فيحرم الإقدام عليه قبل معرفة شرطه وهذا أصح، وكذا يقال في صلاة النافلة: يحرم التلبس بها على من لا يعرف كيفيته، ولا يقال: يجب تعلم كيفيتها.
ومما يجب١ معرفة ما يحل ويحرم من المأكول والمشروب والملبوس ونحوهما مما لا غنى غالبا، وكذلك أحكام عشرة النساء لمن له زوجة، وحقوق المماليك لمن له ذلك، ونحو ذلك.
وأما الترك فيجب على من ذكر علم ذلك بحسب ما يتجدد في الحال، وقد يختلف بحال الشخص؛ إذ لا يجب على الأبكم تعلم ما يحرم من الكلام، ولا على الأعمى تعلم ما يحرم من النظر، ولا على البدوي تعلم ما يحل الجلوس فيه من المساكن، فذلك أيضا واجب بحسب ما يقتضيه الحال.
ومما يُلْحَق بالتروك أو الأفعال تفقد القلب بعد العلم بما مر، فهو فرض عين، فيلزم من ذكر أن يتعلم ما يرى نفسه محتاجة إليه من تطهير القلب من المهلكات ومعالجة المرديات كالرياء، والحسد، والعجب وشبهها.
فرع٢: يجب على الآباء والأمهات ونحوهم كالقيم والوصي تعليم الصغار ما سيتعين عليهم بعد البلوغ، فيعلمونهم الطهارة والصلاة والصيام، ويعرفونهم تحريم الربا والزنا واللواط والسرقة وشرب المسكر والكذب والغيبة، وأنهم بالبلوغ يدخلون في التكاليف، ويستحب ما زاد على هذا من تعليم قرآن وفقه وآداب، ويعرفونهم ما يصلح به معاشهم؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦] أي: علموهم ما ينجون به من النار، وهذا ظاهر، وقال ﷺ: "كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته" ٣، ثم أجرة تعليم
_________
١ شرح المهذب ١/ ٥٠، وكتاب العلم للنووي ص٨٢.
٢ كتاب العلم للنووي ص٨٢.
٣ رواه مسلم ٣/ ١٤٥٩، البخاري ١/ ٤٣١ و٢/ ٨٤٨، ٣/ ١٠١٠، والترمذي ٤/ ٢٠٨، والسنن الكبرى للبيهقي ٦/ ٢٨٧، وسنن أبي داود ٣/ ١٣٠، ومسند أحمد ٢/ ٥ و٢/ ٥٤، و١١١، والمعجم الأوسط ٢/ ١٤٨، ومسند أبي يعلى ١٠/ ١٩٩، وشعب الإيمان ٤/ ٣٢٢، وفتح الباري ٣/ ١٥٢ و٥/ ٣٧٩.
1 / 74