العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
لقد تحاماه أن يناضله ... من هو في العلم عيلم علم
فالفصحا لم تطق تجادله ... أنّى ومنه مهابة وجموا
تخال من صمتهم وجوههم ... لم يتصوّر في خلقهنّ فم
ذب عن الدين في سنان فم ... كم فيه عنه تكشّفت غمم
وثلَّ فيه عرش الضلال وقد ... هدم منه ماليس ينهدم
بني المعالي إليكم مدحًا ... يسمعها من بإذنه صمم
تلبس عرض الكريم سابغة ... في الطعن منها الرماح تنحطم
كأنّها سرمد الزمان على ... أفواه حسّاد مجدكم لجم
وإن غدوتم وما لشانئكم ... بين بني الدهر مهمز بكم
سيّارة تقطع البسيطة لا ... غور عداها منكم ولا أكم
وفي قلوب الورى لآخرهم ... جيلًا فجيلًا بالحفظ ترتسم
قد غودرت عندكم كفاتحة ال ... كتاب لم تنسها قلوبهم
الفصل الثاني في التهنية
نظمت في تهنية الماجد محمّد الصالح بقدوم ولديه محمّد الرضا وأخيه المصطفى من الحج هذه الموشّحة البديعة:
اجتل الكاس فذي كفّ الصبا ... حدرت عن مبسم الصبح اللثاما
واصطبحها من يدي عضّ الصبا ... أغيد يجلو محيّاه الظلاما
بنت كرم زوّجت بابن السحب ... فتحلّت في لئالي من حبب
مذ جلاه الشرب في نادي الطرب ... ضحكت في الكاس حتّى قطبا
كلّمن كان لها بيدي ابتساما ... وانثنى الزامر يشدو مطربا
غرقوا بالراح كسرى يا ندامى
هي نار في إناء من برد ... عجبًا ذابت به وهو جمد
أبدًا تحرق نمرود الكمد ... وإذا منها الخليل اقتربا
غودرت بردًا عليه وسلاما ... فاحتسى أعذب من ماء الزبى
خمرةً أطيب من نشر الخزامى
أشبهت صافية في الأكؤس ... دمعة الهجر بخدّي العس
إن أديرت مثّلت للمحتسي ... وجنة الساقي بها فاستلبا
عقله حتّى تراه مستهاما ... ليس بدري وجنة قد شربا
أم سلاف عتقت عامًا فعالا
تنشي الخفة في روح النسم ... وتروض الصعب منهم للكرم
لو حساها وهو في اللؤم علم ... مادرٌ منه إذًا لانقلبا
ذلك اللؤم سماحًا مستداما ... ودعا خذ مع عقلي النشيا
آخر الدهر ودعني والمداما
كم على ذات الفضا من مجلس ... قد كساء الروض أبهى ملبس
فيه بتنا تحت برد الحندس ... نتعاطى من كؤس شهبا
تطرد الهمّ وإن كان لزاما ... إذ به نامت عيون الرقبا
ليتها تبقى إلى الحشر نياما
ونديمي من بني الترك أغن ... شهدة النحل بفيه تختزن
هبّ يثني عطفه سكر الوسن ... بمدام خلت منها خضبا
أنملا أبدى بها الحسن وشاما ... وكأنّ خداه منها أشربا
حمرة إذ زفّها جامًا فجاما
رشأ جسد صافي جسمه ... من شعاع الخمر لا من جرمه
خفيت صهباؤه من كتمه ... لسناها مذ عليه غلبا
نور خدّيه فما تدري الندامى ... أسنا خدّيه أبدى لهبا
أم سنا الكأس لهم أبدى ضراما
إن يقل لليل عسعس شعره ... قال للصبح تنفّس ثغره
أو من الردف تشكى خصره ... قال يا زادك من زان الظبا
بالحصور الهيف ضعفا وانهضاما ... ولكاسيك الوشاح المذهبا
زاد جفنيه فتورًا وسقاما
يا أليفي صبوتي بشراكما ... جاء ما قرّت به عيناكما
ذا جديد الأنس قد حيّاكما ... وخلاصًا لكما قد جلبا
ناقلا عن صفة الراح الكلاما ... فاجعلاه للتهاني سببا
فعل من يرعي لذي الود الذماما
خلّيا ذكر أحاديث الغضا ... واطويا من عهد حزوى ما مضى
وانشرا فرحة إقبال "الرضا" ... وأخيه "المصطفى" ابن المجتبى
إنّ إقبالهما سرّ الأناما ... وكذا الدنيا استهلّت طربا
إذ معًا آبا وقد نالا المراما
بوركا في الكرخ من بدري على ... شعّ أوج المجد لمّا أقبلا
ومحيّا الفخر بالبشر انجلى ... وغدا زهوًا ينادي مرحبا
بمنيري أبرج المجد القدامى ... بكما قرّت عيون النجبا
آل بيت المصطفى السامي دعاما
رجع السعد إلى مطلعه ... وألبها رد إلى موضعه
والندى عاد إلى منبعه ... بسراجي شرف قد أذهبا
1 / 188