العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
ما تجلّى بباهر الضوء إلاّ ... عاد طرف الحسود عنه حسيرا
فصل في الرثاء
لمّا توفّي للهمام الماجد عبد الكريم أخي الفاضل الصالح ولد قد جاوز بلوغ الحلم بقليل يُسمآى محمّد ويُلقّب بالكاظم، نظمت في رثائه هذه القصيدة معزّيًا بها عمّه وأباه:
لا أرى للزمان ما عشت عذرا ... أفيدري لمن تأبّط شرّا
وبمن بغتة ألمّ بخطب ... ساء ذاالفضل فيه عبدًا وحرّا
ردَّ فيه حزنًا نواصي الليالي ... ووجوه الأيّام شعثًا وغبرا
جذَّ من دوحة المكارم غصنا ... فذوى بغتةً وقد كان نضرا
يا هلالًا رجوت يكمل بدرًا ... محقته يد الردى فاستسرّا
من عذيري من لائم فيك لا أق ... بل عذلًا وليس يقبل عذرا
لام حتّى بلومه ضقت ذرعًا ... مثلما ضقت في مصابك صدرا
قلت دعني ومقلة لي عبرى ... ببكاها ومهجة لي حرّا
لا تسمني قرار عيني فهذا ... ضوئها في ثرى اللحود استقرّا
هو منّي شطر الحشا أَوَ أسلو ... بعد ما من حشاي فارقت شطربا
عجبًا صرت فيه أسمح للتر ... ب ومنه على أطرح وقرا
بعد ضنّي على العيون جميعًا ... أن ترى ذلك المحيّا الأغرّا
كان لي في حايته العيش حلوًا ... وهو اليوم بعده قد أمرّا
وبحسبي ما عشت داءً لنفسي ... أنا أبقى ويسكن اللحد قسرا
سوئةً للزمان مالي أراه ... ساء من أحسنوا لأبناه طرّا
هم بنوا المصطفى ومن في البرايا ... كبني المصطفى سماحًا وبرّا
قد كساهم محمّد صالح الأف ... عال بردًا من فخره طاب نشرا
ورعٌ من رآه قال لعمري ... إنّ لله في معانيك سرّا
يا بني المصطفى رسختم حلومًا ... فغدوتم على النوائب صبرا
ذاالجوى أنتم حريّون فيه ... لكن الصبر أنتم فيه أحرى
ومصاب الماضي يهون إذا ما ... كنت أنت الباقي وإن عزَّ قدرا
وقال عمّنا المهدي في رثاء الفاضل الصالح محمّد وتعزية أخيه وولديه المصطفى والحسن:
قوّض الخير عن الدنيا بأسره ... يوم قد سار أبوالخير بقبره
وانطوت لمّا انطوى في لحده ... بركات الأرض في طيّب عفره
سلب الدنيا الردى غيث ندى ... ملأ الدنيا ومن فيها بقطره
فدهاها بعده الجدب الذي ... لفَّ منها السهل والحزن بشره
وعليه صرخ العالم في ... صرخة قد ثقفت أضلاع صدره
حقّ أن يهلك من عظم الأسى ... وجوى الندب على واحد دهره
فعليه منه فاض الخير حتّى ... بلغ الخير إلى هيماء قفره
فبنى فيها بيوتًا يحسب ال ... سفر لو قد حلّها حلّ بمصره
وبه كم من أسير بذل ال ... تبر حتّى فكّه من قيد أسره
وفقير بائس ما إن أتى ... بيته إلاّ انجلت ظلمة فقره
وبه نعمائه تنسيه ما ... كان فيه من أذى شدّة عسره
مات من تحيى به الهلكى وها ... هي ماتت بعد محييها بوفره
بأبي من شيّد الدين وفي ... كلّ ما يملكه قام بنصره
لم تدع حوبائه من عمل ... صالح إلاّ أعدَّته لحشره
آه للمجد فمنه الدهر قد ... جب ظهر العز في صارم غدره
ولعظم الخطب في عترته ... حلم أرساها حجىً طار بذعره
وهو لا يشعر إذ أشغله ... وجده في مأتم الحزن بسكره
يا أباالمهدي أورثت الورى ... شجنًا أكبادها ذابت بحرّه
فيه قد ماتت ونشر المصطفى ... منك لمّا فاح أحياها بعطره
وجدت ما فقدت منك به ... لم يزحزح مجده عن مستقرّه
فتسلّت عنك فيه إذ به ... منك فضلٌ أعجزالنّاس بحصره
أيّها الرّاحل عن بيت عُلَىً ... تشرق الزوراء من أنوار فخره
إنّ لله بهذا البيت سرًّا ... بذراريك بدت غاية سرّه
ما براها الله إلاّ لنداىً ... يدفع المضطرّ فيه كرب ضرّه
وبه جيلًا فجيلًا يرد ال ... وفد من غيث نداها صفو درّه
لا تخل روض الندى فيه ذوى ... فسحاب الجود هطّال بقطره
بثرى لحدك طب نفسًا فذا ... حسن الجدوى طغى زاخر بحره
وأتى في كرم ما إن على ... مثله قد فتحت مقلة دهره
1 / 146