وقال الله تعالى يريد الله بكم اليسر فكل ما فيه حرج وعسر مرفوع عنا إجماعا وقد استفاض النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) بذلك ويتفرع على ذلك ما لا يحصى من الأحكام مثل عدم الالتفات مع كثرة الشك والسهو.
فقد روينا عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) أنه قال:
إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك إنما هو الشيطان
وقرر العلماء أن الكثرة تحصل ثلاث مرات فلا يلتفت في الثالثة للحرج ولا شبهة أن الحرج الحاصل بالوساوس حتى يتوسل به إلى ترك الصلاة أو تأخرها إلى آخر الوقت ويشتغل به عن مهمات الدنيا والآخرة أكثر وأشق من فعل موجب السهو فإذا لم يلتفت فيه مع قلة الحرج فعدم التفاته في الوسوسة أولى ومن هنا أمر الأئمة (عليهم السلام) بعدم الالتفات لعلمهم بما فيه من الحرج والصعوبة وتعطيل المؤمن عن مهمات الدنيا والآخرة حتى أنهم تعدوا إلى ما هو أبلغ من ذلك.
فقد رويت عن الصادق عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال:
كن نساء النبي إذا اغتسلن يبقين صفرة الطيب على أجسادهن وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرهن أن يصبن الماء على أجسادهن.
قلت: لعله إنما لم يأمرهن بالدلك وإزالة أثر الطيب لتعلموا أن ذلك لا يجب مع أنه ليس فيه كثير حرج وليعلموا أن ما فيه الحرج لا يجب بطريق أولى فبين لنسائه وأمته أن مبنى شرعه على التسهيل وعدم التعسير فكيف يخالف أمر الأئمة (عليهم السلام) ويستحق العقاب بفعل شيء فيه غاية الضرر
صفحة ٢٦