قوله: وفي الحقيقة أن التعجب من علماء زماننا!!. قلنا: إنما سكتوا لأنه غلب في ظنهم أن التفسيق وقع من المفسقين عن برهان، والإنكار لا يجب بل لا يحسن إلا بعد العلم بأن الواقع منكر، وأما تلقين الجهلة ذلك وأمرهم باعتقاده فهو إن سلمنا وقوعه محمول على أنه اقترن به تلقين الدليل أيضا والأمر باستعماله.
ثم إنا نقول: وأي محذور باعتقاد ذلك؟ إذا كان الآمر يعتقد التفسيق لدليل قاطع عنده فإنه يحسن منه أمر غيره بالاعتقاد، ثم نحمل المأمور على أنه لا يعتقده إلا لدليل، كما يأمره باعتقاده الصانع مثلا أو صفاته، فإن قال: إن المراد باعتقاد الصانع هو العلم به، فهو إنما أمره بالاعتقاد الواقع على وجهه والعلم إنما يصدر عن دليل.
قلنا: وكذلك هذا نقول: فما وجه التشنيع؟ قال مولانا -أبقاه الله-: ثم إنا نقول: أي الأدلة المعتبرة دل على فسق من ينفي إمامة الإمام؟ أو يتوقف فيها؟ وأي طرق والعقل اقتضى ذلك؟.
أما العقل فلا مجال له هنا، فما حجة القائلين بذلك؟، والذاهبين إليه من أدلة الشرع؟ أما أكثر أئمتنا، وعلمائنا، فالظاهر عنهم القول بعدم التفسيق، ولهذا نقل عنهم حسن الثناء على المشائخ المتقدمين على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه في الجنة-، والترضية عليهم، والتعظيم العظيم لهم، مع أن أولئك المشائخ المذكورين نفوا إمامة علي -عليه السلام- وزادوا على النفي بما ظاهره البغي فإنهم تصدروا وأهلوا نفوسهم للإمامة، ورأوا أنهم أولى بها منه.
صفحة ١٩٨