78

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

وَأما الْوَاو فَهِيَ تشابه التَّاء، لِأَنَّهَا من حُرُوف الزَّوَائِد وَالْبدل، وَالتَّاء أقرب حُرُوف الْبَدَل إِلَى الْوَاو، فَلهَذَا كَانَت بَدَلا من الْوَاو دون الْبَاء، وَكَانَت أولى من سَائِر الْحُرُوف أَيْضا، وَالَّذِي يدل على أَنَّهَا لَيست بِأَصْل مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْوَاو، وَإِنَّمَا خصت باسم وَاحِد، لِأَنَّهَا لَو اسْتعْملت فِي اسْمَيْنِ لم يكن بَينهمَا وَبَين مَا عداهما حرف، فَوَجَبَ أَن يلْزم اسْما وَاحِدًا، ليدل بذلك على أَنَّهَا بدل من بدل، وَأَنَّهَا أَضْعَف حكما من الْوَاو، وَمَعَ هَذَا فالتاء أنقص حكما مِنْهَا، لِأَنَّهَا تدخل على اسْم الله تَعَالَى فَقَط، فَدلَّ على أَنَّهَا لَيست بِأَصْل، وَقد بَينا فِي الشَّرْح لم صَار اختصاصها باسم الله تَعَالَى أولى من سَائِر الْأَسْمَاء، وَلم منعت الدُّخُول على غَيره، بِمَا يُغني عَن إِعَادَته. وَأما (أَيمن الله) فاشتقاقها من أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يكون من الْيمن، لِأَن الْعَرَب قد تخْتَلف بِلَفْظ الْيَمين، فَتَقول: يَمِين الله لَأَفْعَلَنَّ، ثمَّ غير إِلَى لفظ (ايمن) وَقد بَينا حكمه أَيْضا. فَإِن قيل: فَكيف جَازَ أَن يُقَال: ايم الله لَأَفْعَلَنَّ، فَتدخل ألف الْوَصْل على الْمِيم وَهِي متحركة؟ قيل: فِي ذَلِك جوابان: أَحدهمَا: أَن الأَصْل فِي الْكَلِمَة (ايمن الله) فالألف دَاخِلَة على الْيَاء وَهِي سَاكِنة، فَلَمَّا حذفت وَلم يكن حذفهَا لَازِما بَقِي حكمهَا، وَلم تحذف ألف الْوَصْل

1 / 214