علل النحو
محقق
محمود جاسم محمد الدرويش
الناشر
مكتبة الرشد
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
الرياض / السعودية
تصانيف
النحو والصرف
الشَّيْطَان وَأَبا الْأصْبع) .
وَمِنْهَا أَنه قَالَ: لَو كَانَت حرفا لما جَازَ أَن يتَّصل بهَا لَام الْجَرّ، إِذْ كَانَ حرف الْجَرّ لَا يدْخل على حرف جر.
وَجَمِيع مَا ذكره أَبُو الْعَبَّاس يُمكن تَأْوِيله، فَإِذا أمكن تَأْوِيله، كَانَ مَا حكى سِيبَوَيْهٍ أولى، لِأَن ذَلِك مُتَعَلق بالحكاية عَن الْعَرَب، فَلذَلِك صَار قَول سِيبَوَيْهٍ أقوى.
وَأما قَول النَّابِغَة، فَإِنَّمَا اشتق من (حاشى)، كَمَا يَقُول الْقَائِل: قد حولق الرجل، وبسمل، إِذا قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وببسم الله، فَكَذَلِك تَقْدِير قَول النَّابِغَة، أَي: هَذَا الْمَعْنى الَّذِي فِي (حاشى) لَا يمْتَنع قَوْله لجَمِيع النَّاس.
فَإِذا أعمل ذَلِك، لم يكن فِي الْبَيْت حجَّة.
فَأَما الْحَذف الَّذِي ذكره فقد يُوجد فِي الْحَرْف مثله، نَحْو (رب ومذ)، فَيجوز أَيْضا أَن يحذف من (حاشى)، لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاهَا، ولاتصال الْكَلَام بهَا.
وَأما الْجمع بَينهَا وَبَين اللَّام، فتقدير ذَلِك (٥٥ / ب) أَن تكون اللَّام الَّتِي للجر مُتَعَلقَة بِفعل آخر، أَو تكون زَائِدَة، فَإِذا كَانَت زَائِدَة فَلَا شُبْهَة فِي الْكَلَام وَإِذا كَانَت مُتَعَلقَة بِفعل، فالتقدير فِي قَوْلك: ضربت الْقَوْم حاشى لزيد، لِأَنَّك لما قلت: حاشى، أردْت أَن تبين من الْمُمَيز، فَقلت: لزيد، أَي: أَعنِي.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يتَبَيَّن كَلَام غير تَامّ، وَإِنَّمَا يتَبَيَّن الْكَلَام إِذا تممه الْمُتَكَلّم وَلم يفهمهُ الْمُخَاطب، فَحِينَئِذٍ يجب الْبَيَان؟
قيل: قد حكى سِيبَوَيْهٍ مثل هَذِه الْمَسْأَلَة، فَقَالَ: (إِنَّه الْمِسْكِين أَحمَق) وَقَالَ: هَذَا على طَرِيق التَّبْيِين، يَعْنِي: هُوَ الْمِسْكِين، فَإِذا كَانَ قد بَين، فَهُوَ وَخبر
1 / 398