علل النحو
محقق
محمود جاسم محمد الدرويش
الناشر
مكتبة الرشد
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
الرياض / السعودية
تصانيف
النحو والصرف
وَأما الْمَازِني: فَكَانَ يُجِيز تَقْدِيم التَّمْيِيز، إِذا كَانَ الْعَامِل فِيهِ فعلا، ويشبهه بِالْحَال.
فَأَما حجَّة سِيبَوَيْهٍ فِي امْتِنَاعه من ذَلِك، فَإِن التَّمْيِيز فِي هَذِه الْأَفْعَال فَاعل فِي الْحَقِيقَة وَذَلِكَ أَنَّك إِذا قلت: تصبب عرقا، فالفاعل الْعرق فِي الْمَعْنى وَلكنه نقل عَنهُ إِلَى الشَّخْص، فَلَمَّا كَانَ فَاعِلا فِي الْمَعْنى، وَكَانَ الْفَاعِل فِي الأَصْل لَا يجوز تَقْدِيمه إِلَّا على نِيَّة التَّأْخِير، كَذَلِك لَا يجوز أَن يقدم هَذَا إِذْ كَانَ فَاعِلا.
فَإِن قَالَ قَائِل: قد جَاءَ فِي الشّعْر قَوْله:
(أتهجر ليلى بالفراق حبيبها؟ ... وَمَا كَانَ نفسا بالفراق تطيب)
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن (النَّفس) مَنْصُوبَة بإضمار فعل على طَرِيق التَّبْيِين، كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا كَانَ تطيب بالفراق، ثمَّ قَالَ: نفسا، فَإِذا أمكن أَن يكون مَنْصُوبًا ب (أَعنِي)، لَا ب (تطيب)، لم يكن لمن احْتج بِهِ حجَّة على سِيبَوَيْهٍ.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم نقلت هَذِه الْأَسْمَاء عَن كَونهَا فاعلة، وَلم تسْتَعْمل على أَصْلهَا؟
قيل لَهُ: الْفَائِدَة فِي ذَلِك أَنهم أَرَادوا أَن يجْعَلُوا الْفِعْل للجثة، ويجعلوا هَذِه الْأَسْمَاء تبيينا، لِأَن الجثة تُوصَف بذلك، فقد يُمكن أَن يكون المتصبب مِنْهَا الْعرق
1 / 393