علل النحو
محقق
محمود جاسم محمد الدرويش
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
الرياض / السعودية
تصانيف
النحو والصرف
فَكَانَ حمل النصب على الألزم أولى من حمله على الْمُنْتَقل.
والجهة الرَّابِعَة: أَن الْجَرّ أخف من الرّفْع، فَلَمَّا أردنَا حمل الْمَنْصُوب، وَهُوَ خَفِيف، كَانَ حمله على المخفوض أولى.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم أدخلتم فِي تَثْنِيَة الْمَرْفُوع الْألف، وَلم تبقوه على أَصله؟ قيل لَهُ: لأَنهم أَرَادوا أَن يستعملوا الْحُرُوف الثَّلَاثَة فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع، كَمَا استعملوا حركاتها فِي الْوَاحِد، فَلَمَّا وَجب إِسْقَاط الْألف من الْمَنْصُوب، لما ذَكرْنَاهُ، لم يبْق مَوضِع يدْخل عَلَيْهِ سوى الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور، فأدخلوها فِي تَثْنِيَة الْمَرْفُوع، لما ذَكرْنَاهُ.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَلا أدخلوها فِي تَثْنِيَة الْمَجْرُور؟
قيل لَهُ: إدخالها فِي تَثْنِيَة الْمَرْفُوع أولى، لِأَن الْوَاو أثقل من الْيَاء، فَلَمَّا كَانَ لَا بُد من إِسْقَاط الْوَاو وَالْيَاء، وَجب إِسْقَاط الأثقل.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم وَجب فتح وَاو التَّثْنِيَة، وياء التَّثْنِيَة فِي الأَصْل؟
قيل لَهُ: لِأَن الْألف لَا يكون مَا قبلهَا إِلَّا مَفْتُوحًا، والتثنية قبل الْجمع، فقد اسْتحقَّت التَّثْنِيَة الْفَتْح فِي النصب لأصل الْألف، وحملت الْيَاء وَالْوَاو على الْألف وَضم مَا قبل الْوَاو فِي الْجمع وَكسر مَا قبل الْيَاء لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن الْكسر من الْيَاء، وَالضَّم من الْوَاو، فَكَانَ أولى مَا يجر بِهِ مَا هُوَ من جِنْسهَا.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْفَتْح قد فَاتَ بِاسْتِحْقَاق التَّثْنِيَة لَهُ، فَلم يبْق إِلَّا الضَّم، وَكَذَلِكَ لَو ضم مَا قبل يَاء الْجمع انقلبت واوا، فَكَانَ يخْتَلط الْجَرّ بِالرَّفْع، وَالرَّفْع بِالْجَرِّ وَلم يبْق إِلَّا الْكسر.
1 / 161