226

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

يكون فرعا، وَلَيْسَ ذكر الْمصدر بِأَكْثَرَ من كَونه مَفْعُولا.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْمصدر إِنَّمَا أقيم (٤٨ / ب) مقَام تَكْرِير الْفِعْل، فَكَمَا أَن الشَّيْء لَا يجوز أَن يكون أصلا لنَفسِهِ، فَكَذَلِك لَا يجوز أَن يكون مَا قَامَ فرعا عَلَيْهِ.
وَاعْلَم أَن إِقَامَة الْآلَة مقَام الْمصدر جَائِز، وَإِنَّمَا الْغَرَض فِيهِ الِاخْتِصَار، فَإِذا قلت: (ضربت) زيدا سَوْطًا وَاحِدًا، دلّ ذكر السَّوْط على أَن الضَّرْب بِهِ وَقع، ويثنى وَيجمع، فَتكون تثنيته وَجمعه دلَالَة على الضَّرْب، فَإِذا قلت: ضربت زيدا مائَة سَوط، فَالْمَعْنى: مائَة ضَرْبَة بِسَوْط وَاحِد.
وَاعْلَم أَنَّك إِذا قلت: أَنْت سيرا سيرا، فَإِنَّمَا الْمَعْنى: أَنْت تسير سيرا، فحذفت الْفِعْل لدلَالَة الْمصدر عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ مشتقا من لفظ الْمصدر، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُم جعلُوا أحد المصدرين بَدَلا من الْفِعْل، وَيجوز أَن يكون حذفوا الْفِعْل هَاهُنَا، لِأَن الْمُبْتَدَأ يجب أَن يكون خَبره هُوَ وَالسير غير أَنْت، فَدلَّ ذَلِك على الْمَحْذُوف، وَهُوَ: يسير، وَقد يجوز الرّفْع، فَتَقول: أَنْت سير سير، فالرفع من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن يكون التَّقْدِير: أَنْت صَاحب سير، فَحذف الصاحب وأقيم (السّير) مقَامه، وَمثل هَذَا قَول الخنساء:

1 / 362