216

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

مناطق
العراق
الامبراطوريات
الخلفاء في العراق
بِنَاء الِاسْم الأول، وَهِي كالمنفصل مِنْهُ، وَإِذا حذفت لم يجز أَن يحذف مَعهَا غَيرهَا، إِذْ كَانَت غير مُتَعَلقَة بِالِاسْمِ تعلقا شَدِيدا، فَلهَذَا حذفت وَحدهَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم لم يعْمل مَا قبل الِاسْتِفْهَام فِيهِ وَفِيمَا بعده؟
قيل لَهُ: لِأَن الِاسْتِفْهَام إِذا دخل على الْجمل كَانَ استفهاما عَن جَمِيعهَا، مثل قَوْلك: أضربت زيدا؟ فَلَو قدمت (ضربت) على الْألف لم يبْق معنى الِاسْتِفْهَام فِيهِ، وَهُوَ مقدم، والمعاني لَيْسَ لَهَا قُوَّة تصرف فِيمَا قبلهَا وَفِيمَا بعْدهَا، فَلذَلِك لم يجز أَن يعْمل: ضربت زيدا، وَبَينهَا ألف الِاسْتِفْهَام.
وَأما الْأَسْمَاء نَحْو: (أَي، وَمن، وَمَا) فَلَا يجوز أَيْضا أَن يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا، لهَذَا لَو قلت: علمت أَيهمْ فِي الدَّار، بِنصب (أَيهمْ)، لم يجز، وَإِنَّمَا لم يجز ذَلِك لِأَن الأَصْل أَن يدْخل ألف الِاسْتِفْهَام على هَذِه الْأَسْمَاء، وَإِنَّمَا حذفت ألف الِاسْتِفْهَام (٤٦ / ب) اسْتغْنَاء، لِأَن هَذَا الْكَلَام لَا يكون إِلَّا استفهاما، فَصَارَت الْألف محذوفة وَحكمهَا بَاقٍ، فَلهَذَا منعت الْفِعْل من الْعَمَل فِي هَذِه الْأَسْمَاء.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَكيف جَازَ أَن تعْمل فِيهَا حُرُوف الْجَرّ، كَقَوْلِك: بِأَيِّهِمْ مَرَرْت؟
قيل لَهُ: الضَّرُورَة دعت إِلَى ذَلِك، وَذَلِكَ أَن حُرُوف الْجَرّ لَا يجوز أَن تقوم بأنفسها، وَلَا بُد أَن تتَعَلَّق بِمَا يدْخل عَلَيْهِ، وَقد بَينا أَن الْأَسْمَاء الَّتِي يستفهم بهَا تنوب عَن شَيْئَيْنِ: عَن ألف الِاسْتِفْهَام، وَعَن الِاسْم، فَيصير قَوْلنَا: أَيهمْ فِي الدَّار؟ بِمَنْزِلَة: أَزِيد فِي الدَّار؟ فَإِذا قلت: بِأَيِّهِمْ مَرَرْت؟ صَار التَّقْدِير: أبزيد مَرَرْت؟ لِأَن الْبَاء موصلة للْفِعْل الَّذِي بعد الِاسْتِفْهَام أَن يعْمل فِيهِ، لِأَنَّهُمَا مقدران بعد ألف الِاسْتِفْهَام، فَلهَذَا خصت حُرُوف الْجَرّ بِجَوَاز الْعَمَل من بَين سَائِر العوامل، ولهذه

1 / 352