علل النحو
محقق
محمود جاسم محمد الدرويش
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
الرياض / السعودية
تصانيف
النحو والصرف
وَوجه آخر قد ذَكرْنَاهُ، وَهُوَ - أَي التَّنْوِين - قد بَينا أَنه زِيَادَة على الْكَلِمَة، وَحكم الزَّائِد أنقص من حكم الْأَصْلِيّ، فأسقطوه فِي الْوَقْف ليدلوا بذلك على نَقصه.
فَإِن قيل لَك: هلا أسقط فِي الدرج، وَأثبت فِي الْوَقْف؟ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن السُّؤَال يرجع على السَّائِل لَو صرنا إِلَى مَا قَالَ، فَلَمَّا لم يفدنا إِلَّا مَا نَحن عَلَيْهِ من الْفرق، لم يكن لأحد أَن يعْتَرض بِهَذَا الِاعْتِرَاض، إِذْ لَو فعلوا مَا سَأَلنَا السَّائِل لَكَانَ جَائِزا.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن مَا فَعَلُوهُ أولى مِمَّا سألناه، وَذَلِكَ أَن الْإِعْرَاب قد اسْتَقر أَن ثَبت حكمه فِي درج الْكَلَام، وَهُوَ زِيَادَة على الِاسْم، وَيسْقط فِي الْوَقْف، فَحمل التَّنْوِين عَلَيْهِ، لاشْتِرَاكهمَا فِي أَنَّهُمَا علامتان زائدتان على الِاسْم، فَلَمَّا وَجب فِي الْإِعْرَاب كَانَ مَا ذَكرْنَاهُ، لِأَنَّهُ عِنْد الْفَرَاغ من الْكَلِمَة يجب أَن تقع رَاحَة الْمُتَكَلّم، إِذْ كَانَ آخر نشاطه آخر كَلَامه، فأرادوا أَن يكون لَفظه فِي هَذِه الْحَال أخف من لَفظه فِي حَال النشاط، فَجعل حَال الدرج بالحركة والتنوين، لِأَنَّهُ مَوضِع لاستراحته. /
فَإِن قيل لكم: فَلم أبدلتم من التَّنْوِين ألفا فِي الْوَقْف، وَهَذَا قد أدّى إِلَى التَّسْوِيَة بَين الزَّائِد والأصلي على مَا عللتم لِأَنَّهُ قد ثَبت فِي الْوَقْف والوصل؟
[قيل]: لِأَن الْقَصْد فِي الْفَصْل بَين الزَّائِد والأصلي أَن يحصل للزِّيَادَة حَال نقص فِي حَال الْوَقْف والدرج، وَلَا يثبت فِي حَال وَاحِدَة، كثبات الْأَصْلِيّ، وَالْألف الَّتِي هِيَ بدل من التَّنْوِين تسْقط فِي الدرج، كَمَا يسْقط التَّنْوِين فِي الْوَقْف، فقد فَارق حكم الْحَرْف الْأَصْلِيّ، وَإِنَّمَا أبدلوا من التَّنْوِين ألفا لِأَن الْألف خَفِيفَة،
1 / 155