183

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

والنعت، فَلَو خفضت الِاسْم الأول فِي قَوْلك: ضربت الْقَوْم حَتَّى زيد غَضْبَان، بَقِي (غَضْبَان) بِلَا شَيْء يخفضه وَلَا يرفعهُ وَلَا ينصبه، وَهَذَا يَسْتَحِيل أَن يكون مُفْرد مُعرب بِغَيْر شَيْء يعربه، فَلهَذَا بَطل الْجَرّ، وَصَارَ (حَتَّى) هَا هُنَا بِمَنْزِلَة الْوَاو. وَأما بَيت الفرزدق:
(فواعجبا حَتَّى كُلَيْب تسبني ... كَأَن أَبَاهَا نهشل أَو مجاشع)
فَلَو ذكرنَا قبل (حَتَّى) لفظ السب، كَقَوْلِك: يَا عجبا يسبني النَّاس حَتَّى كُلَيْب تسبني، لجَاز فِي (كُلَيْب) الرّفْع والجر، فالرفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر، والجر على الْغَايَة، وَيكون (تسبني) توكيدا للسب الْمُتَقَدّم، وَإِذا رفعت فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر، إِلَّا أَن الْبَيْت لما لم يذكر فِي أَوله السب، لم يجز أَن تخْفض (كليبا)، لِأَنَّهُ يبْقى مُعَلّقا بِغَيْر شَيْء، فَلهَذَا لم يجز عندنَا إِلَّا الرّفْع، وَقد أجَاز الْخَفْض فِيهِ أهل الْكُوفَة وحملوا الْكَلَام على الْمَعْنى، والأجود قَوْلنَا، لِأَن اللَّفْظ لَهُ حكم، وَلَيْسَ كل مَا جَازَ على الْمَعْنى يجوز على الْعَطف، فاعرفه.

1 / 319