142

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

وَكَانَ هَذَا الْفِعْل دَالا على فَاعله، فَوَجَبَ أَن يُحَرك بحركة مَا يدل عَلَيْهِ، وَقد بَينا فِي (شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ) الْكَلَام فِي هَذَا وَالْخلاف فِيهِ، وَإِنَّمَا نذْكر هُنَا النكت الَّتِي لَا بُد مِنْهَا وَلَا يلْزم عَلَيْهَا سُؤال. فَإِن قَالَ قَائِل قَائِل: فَلم كسر ثَانِيه؟ قيل: لما حذف فَاعله الَّذِي لَا يخلوا مِنْهُ، جعل لفظ الْفِعْل على بِنَاء لَا يشركهُ فِيهِ بِنَاء من أبنية الْأَسْمَاء، وَلَا من أبنية الْفِعْل الَّذِي (٣١ / أ) قد سمي فَاعله، فَبنِي على هَذِه الصِّيغَة لهَذِهِ الْعلَّة، وَلَو فتح ثَانِيه أَو حرك بِالضَّمِّ لم تخرج عَن الْأَمْثِلَة الَّتِي فِي الْأَسْمَاء. فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم كَانَت الْأَفْعَال المعتلة مَكْسُورَة الْأَوَائِل، نَحْو: سير وَقيل؟ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن أصل أوائلها الضَّم، وفيهَا ثَلَاث لُغَات للْعَرَب، أَجودهَا: كسر أوائلها، وَالثَّانيَِة: الْإِشَارَة إِلَى الضَّم من غير تَحْقِيق، وَالثَّالِثَة وَهِي أضعفها: ضمهَا على الأَصْل، وقلب مَا يَليهَا واوا، نَحْو قَوْلك: سور، وَقَول، وبوع وصوغ الْخَاتم، إِلَّا أَن الْكسر يستثقل فِي الْوَاو وَالْيَاء، فقلبت إِلَى أول الْكَلِمَة، وسكنت الْوَاو وَالْيَاء. فَأَما الْيَاء فتسلم لانكسار مَا قبلهَا، وَأما الْوَاو فتنقلب لسكونها وانكسار مَا قبلهَا يَاء، وَأما من أَشَارَ إِلَى الضَّم فأرادوا الدّلَالَة على أَن أصل أَوَائِل هَذِه الْأَفْعَال الضَّم، وَأما الَّذِي لَا يضم فيحذف الْحَرَكَة من الْوَاو وَالْيَاء، وَلَا ينقلها إِلَى مَا قبلهَا، فتسكن الْوَاو وَالْيَاء، وَقبل كل وَاحِد مِنْهُمَا ضمة، فَأَما الْوَاو فتسلم لانضمام مَا قبلهَا، وَأما الْيَاء فتنقلب واوا لانضمام مَا قبلهَا، وَكَذَلِكَ تنْقَلب إِذا كَانَ مَا قبلهَا مضموما فِي سَائِر الْكَلَام، نَحْو قَوْلك: موقن،

1 / 278