121

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

(١٠ - بَاب (مَا» إِن قَالَ قَائِل: مَا الَّذِي منع من تَقْدِيم خبر (مَا) عَلَيْهَا؟ قيل لَهُ: لِأَنَّهَا حرف مشبه بِالْفِعْلِ، فَلم تبلغ قوتها أَن تتصرف فِي معمولها، إِذْ كَانَت هِيَ فِي نَفسهَا لَا تتصرف. فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي أوجب إبِْطَال عَملهَا إِذا فصلت بَين الِاسْم وَالْخَبَر ب (إِلَّا)؟ قيل لَهُ: لِأَن (إِلَّا) توجب الْخَبَر، فَبَطل معنى (مَا)، فَإِنَّمَا هِيَ مشبهة ب (لَيْسَ) من جِهَة الْمَعْنى لَا اللَّفْظ، فَإِذا زَالَ الْمَعْنى بَطل عَملهَا، لِأَن الشّبَه قد زَالَ فَرَجَعت إِلَى أَصْلهَا، وَاعْلَم أَن الأقيس فِي (مَا) إِلَّا تعْمل شَيْئا، وَإِنَّمَا كَانَ الأقيس فِيهَا هَذَا، لِأَنَّهَا تدخل على الِاسْم وَالْفِعْل، كَمَا تدخل حُرُوف الِاسْتِفْهَام عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يعْمل الْعَامِل فِي الْجِنْس إِذا استبد بِهِ دون غَيره، وَهَذَا أصل فِي العوامل، و(مَا) فِي هَذَا لَيست بالأسماء أولى مِنْهَا بالأفعال، وَلَكِن أهل الْحجاز لما رأوها بِمَعْنى (لَيْسَ)، تَنْفِي مَا فِي الْحَال والمستقبل أجروها مجْراهَا فِي الْعَمَل، وأصل مَوضِع عمل الْأَفْعَال أَن يكون فاعلها قبل مفعولها، فَرفع مَا عملت فِيهِ، فَقدم على منصوبها تَشْبِيها ب (لَيْسَ) على أصل مَوضِع عمل الْأَفْعَال، فَإِذا زَالَت (مَا) عَن تَرْتِيب الأَصْل بَطل عَملهَا، وَرجعت إِلَى مَا تستحقه من الْقيَاس، وَهَذِه الْعلَّة

1 / 257