علل النحو
محقق
محمود جاسم محمد الدرويش
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
مكان النشر
الرياض / السعودية
تصانيف
النحو والصرف
(كَأَن سلافة من بَيت رَأس ... يكون مزاجها عسل وَمَاء)
الْعَسَل نكرَة، وَهِي اسْم (كَانَ)، والمزاج معرفَة، وَهُوَ الْخَبَر، وَإِنَّمَا حسن مثل هَذَا لِأَن الْعَسَل اسْم جنس، فتعريفه كتنكيره فِي الْمَعْنى، وقلما يُوجد فِي أشعارهم أَن يكون الْخَبَر معرفَة مَحْضَة، وَالِاسْم نكرَة مَحْضَة، لما ذَكرْنَاهُ من قبح ذَلِك.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم يحسن فِي النَّفْي أَن تخبر بالنكرة، نَحْو قَوْلك: مَا كَانَ أحد مثلك، و(أحد) نكرَة، وَمن أَي وَجه كَانَ فِي النَّفْي، وَلم يجز فِي الْإِيجَاب؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن مَوضِع (كَانَ) مَوضِع الْإِخْبَار للفائدة، فَمَتَى حصل فِيهَا فَائِدَة للمخاطب جَازَ اسْتِعْمَالهَا، فَلَو قَالَ قَائِل: كَانَ رجل قَائِما، لم يكن فِي هَذَا الْكَلَام فَائِدَة للمخاطب، لِأَن الْمُخَاطب يعلم أَن الدُّنْيَا لم تخل من رجل قَائِم، وَلَو قَالَ لَهُ: كَانَ رجل فِي الدَّار قَائِما، لكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِك فَائِدَة، لِأَن الْمُخَاطب قد يجهل أَن يكون فِي الدَّار رجل قَائِم، فَإِذا كَانَت الدَّار مُعينَة، فقد بَان بِمَا ذَكرْنَاهُ أَنه لَا تخْتَلف الْمعرفَة والنكرة فِي الْإِخْبَار عَنْهَا، إِذا كَانَ فِي الْخَبَر فَائِدَة، إِلَّا من جِهَة الْحسن والقبح، وَجَاز أَن يخبر عَن النكرَة، لِأَن الْمُخَاطب مستفيد مَا قد كَانَ يجوز أَن يجهله، أَلا ترى أَنَّك إِذا تَقول: مَا كَانَ أحد مثلك، فقد يجوز أَن يكون يعْتَقد أَن لَهُ مثلا، ثمَّ يَسْتَفِيد بخبرك عَنهُ خلاف مَا كَانَ يَعْتَقِدهُ، فقد بَان أَن فِي هَذَا الْخَبَر - وَإِن كَانَ نكرَة - فَائِدَة، وَإِن لم يجز اسْتِعْمَال عكس هَذَا فِي الْوَاجِب، نَحْو: كَانَ أحد مثلك، لِأَن (أحدا) اسْم عَام، وَالنَّفْي يَصح أَن يَقع
1 / 252