112

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

مَعْنَاهُ: افترق، والافتراق (٢٤ / ب) بِمَعْنى الانتفاء، لِأَنَّهُ زَوَال عَن حَال الِاجْتِمَاع. فَلَمَّا كَانَت هَذِه الْأَفْعَال متضمنة لِمَعْنى النَّفْي، وَمن شَرط النَّفْي إِذا دخل عَلَيْهِ نفي صَار إِيجَابا، أَلا ترى أَن قَول الْقَائِل: مَا زَالَ زيد ذَاهِبًا، مَعْنَاهُ: أَنه ذَاهِب، فَلهَذَا خصت بِالنَّفْيِ، وَغَيرهَا من الْأَفْعَال لَا تَتَضَمَّن النَّفْي، وَإِنَّمَا هِيَ للْإِيجَاب الْمَحْض، نَحْو، كَانَ وَأصْبح وَمَا أشبههما، فَإِن أردْت الْإِيجَاب جردتهما من حُرُوف النَّفْي، فَإِن أردْت النَّفْي أدخلت (مَا)، فاعلمه. وَاعْلَم أَن (كَانَ) تسْتَعْمل على ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَن ترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر، على مَا ذَكرْنَاهُ، فَهَذِهِ إِنَّمَا هِيَ عبارَة عَن الزَّمَان فَقَط. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن تقع ملغاة من الْعَمَل وَالْمعْنَى، وَقد تكون ملغاة من الْعَمَل دون الْمَعْنى، وَأحسن ذَلِك فِيهَا إِذا أردْت الإلغاء أَن تؤخرها أَو توسطها. فمما جَاءَت فِيهِ ملغاة فِي الْمَعْنى وَاللَّفْظ: الإلغاء بعد التوكيد، وتحسين اللَّفْظ قَوْله تَعَالَى: ﴿كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا﴾، وَالْمعْنَى: كَيفَ نُكَلِّم من صَار فِي المهد صَبيا، ف (صَبيا): نصب على الْحَال، وَالْعَامِل فِيهِ: نُكَلِّم،

1 / 248