107

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

قيل لَهُ: لَا، فَإِن قَالَ: فَمَا الْفَصْل بَين جَوَازه بعد تَمام الْخَبَر وامتناعه قبل الْخَبَر؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الَّذِي منع من الْمَسْأَلَة الأولى، أَن شَرط مَا يعْمل فِي الِاسْم أَن يعْمل فِي الْخَبَر، فَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا قَائِم، ف (زيد): نصب ب (إِن)، وقائم: رفع ب (إِن) . وَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا وَعَمْرو قائمان، وَجب أَن يرفع (عَمْرو) بِالِابْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ عطف على مَوضِع الِابْتِدَاء، وَوَجَب أَن يعْمل فِي خبر عَمْرو الِابْتِدَاء، وَفِي خبر زيد (إِن)، وَقد اجْتمعَا فِي لَفْظَة وَاحِدَة، وَهُوَ قَوْله: قائمان، فَكَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَن يعْمل فِي اسْم وَاحِد عاملان، وَهَذَا فَسَاد، فَلهَذَا صحت الْمَسْأَلَة.
وَالْفراء (٢٣ / ب) يُجِيز مثل الْمَسْأَلَة الأولى إِذا كَانَ اسمان، أَحدهمَا مكني، أَو مُبْهَم لَا يتَبَيَّن فيهمَا الْإِعْرَاب، نَحْو: إِنَّك وَزيد ذاهبان، وَإِن هَذَا وَعَمْرو منطلقان. وَمَا ذَكرْنَاهُ من الْحجَّة فِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، لَا يُغير حكم الْعَامِل عَن عمله، بل حكمه فِيهَا وَفِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب سَوَاء. فَإِن قلت: إِن زيدا وَعَمْرو قَائِم، فَأَرَدْت الْخَبَر، جَازَت الْمَسْأَلَة، والأجود فِي تقديرها أَن يكون الْمَحْذُوف خبر الِاسْم الثَّانِي، وَإِنَّمَا اخترنا الْوَجْه الأول، لِأَن الْخَبَر يَلِي الِاسْم الثَّانِي، فَلَا يبْقى علينا من التَّوَسُّع فِي الْمَسْأَلَة إِلَّا حذف خبر الأول، وَلَو قَدرنَا حذف الثَّانِي، لأوجب ذَلِك اتساعين فِي الْمَسْأَلَة، وهما حذف الأول وَالتَّقْدِير فِي الْخَبَر الْمَذْكُور الْمُتَقَدّم، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر:

1 / 243