103

علل النحو

محقق

محمود جاسم محمد الدرويش

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

مكان النشر

الرياض / السعودية

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن (كَانَ وَإِن) حكمهمَا وَاحِد فِيمَا سَأَلت عَنهُ، وَنَظِير مَسْأَلَتنَا أَنه يفصل بَين (كَانَ) وَاسْمهَا بظرف قد عمل فِيهِ الْخَبَر، كَمَا جَوَّزنَا الْفَصْل بَين (إِن) وَاسْمهَا بظرف قد عمل فِيهِ خَبَرهَا، فَلَو قلت: كَانَ خَلفك زيد قَائِما، لجَاز، وَلَو قلت: إِن زيدا عمرا ضَارب، لم يجز فِي (كَانَ) . فَإِن قَالَ قَائِل: من أَيْن خَالَفت الظروف لسَائِر الْأَسْمَاء حَتَّى جَازَ الْفَصْل بهَا؟ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الظروف قد تقوم مقَام الْأَخْبَار، نَحْو قَوْلك: إِن زيدا خَلفك، فَلَمَّا (٢٢ / ب) كفت عَن الْخَبَر وَقَامَت مقَامه لم يصر كَالْأَجْنَبِيِّ من الِاسْم، وَإِن كَانَت فِي تَقْدِير مفعول الْخَبَر، فَجَاز الْفَصْل بهَا، لِأَنَّهَا قد صَارَت كالخبر، فَأَما غَيرهَا من الْأَسْمَاء فَلَا تقوم مقَام الْخَبَر فَصَارَ أَجْنَبِيّا مَحْضا، فَلم يجز أَن تتخلل بَين شَيْئَيْنِ، أَحدهمَا مَعَ الآخر كالشيء الْوَاحِد. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الظروف فِيهَا اشْتِمَال على الْجُمْلَة الَّتِي تتَعَلَّق بهَا، فَقدمت الظروف وأخرت، فقد صَارَت بِهَذَا الاشتمال على الْجُمْلَة والتعلق بهَا والاحتواء عَلَيْهَا بِمَنْزِلَة بعض الْجُمْلَة، وَمَا لَيْسَ بأجنبي من الِاسْم وَالْخَبَر، فَجَاز لَك أَن تفصل بِهِ، فَجَاز الْفَصْل بهَا، وَلم يجز بغَيْرهَا تَقْدِير هَذَا الْمَعْنى والفصل بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْمَعْنى الَّذِي فِي الظروف. فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي أحْوج إِلَى تَقْدِير فعل مَعَ الظروف غير الِاسْم الْمُتَقَدّم، نَحْو قَوْلك: إِن زيدا خَلفك، وَالْخلف غير زيد، وَهُوَ فِي مَوضِع خَبره؟

1 / 239