يُرِيد ثَلَاثَة أناسي.
قَالَ: وَتقول: ثَلَاثَة نسابات، وَهُوَ قَبِيح وَذَلِكَ أَن النسابة صفة فَكَأَنَّهُ لفظ بمذكر، ثمَّ وَصفه، وَلم يَجْعَل الصّفة تقوى قُوَّة الِاسْم، فَإِنَّمَا تَجِيء كَأَنَّك لفظت بالمذكر ثمَّ وَصفته كَأَنَّك قلت: ثَلَاثَة رجال نسابات. وَتقول ثَلَاثَة دَوَاب، إِذا أردْت الْمُذكر لِأَن أصل الدَّابَّة عِنْدهم صفة، وَإِنَّمَا هِيَ من دببت، فأجروها على الأَصْل وَإِن كَانَ لَا يتَكَلَّم بهَا إِلَّا كَمَا يتَكَلَّم بالأسماء كَمَا أَن أبطح صفة، وَاسْتعْمل اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء.
قَالَ أَبُو سعيد: الأَصْل أَن أَسمَاء الْعدَد تفسر بالأنواع، فَيُقَال: ثَلَاثَة رجال وَأَرْبَعَة أَثوَاب، فَلذَلِك لم يعْمل على تَأْنِيث مَا أضيف إِلَيْهِ، إِذْ كَانَ صفة وَقدر قبله الْمَوْصُوف، وَجعل حكم تذكير الْعدَد على ذَلِك الْمَوْصُوف، فَيكون التَّقْدِير ثَلَاثَة رجال نسابات، وَثَلَاثَة ذُكُور دَوَاب، وَإِن كَانُوا قد حذفوا الْمَوْصُوف فِي دَابَّة لكثرته فِي كَلَامهم، كَمَا أَن أبطح صفة فِي الأَصْل لأَنهم يَقُولُونَ: أبطح وبطحاء، كَمَا يُقَال: أَحْمَر وحمراء وهم يَقُولُونَ: كُنَّا فِي الأبطح، ونزلنا فِي الْبَطْحَاء، فَلَا يذكرُونَ الْمَوْصُوف، كَأَنَّهُمَا اسمان.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: ثَلَاث أَفْرَاس، إِذا أردْت الْمُذكر لِأَن الْفرس قد ألزموه التَّأْنِيث، وَصَارَ فِي كَلَامهم للمؤنث أَكثر مِنْهُ للمذكر حَتَّى صَار بِمَنْزِلَة الْقدَم، كَمَا أَن النَّفس فِي الْمُذكر أَكثر.
قَالَ أَبُو سعيد، أنث ثَلَاث أَفْرَاس فِي هَذَا الْموضع لِأَن لفظ الْفرس مؤنث، وَإِن وَقع على مُذَكّر، وَقد ذكره فِي الْبَاب الأول حَيْثُ قَالَ: خَمْسَة أَفْرَاس، إِذا كَانَ الْوَاحِد مذكرا وَهَذَا الْمَعْنى.
1 / 48