بسم الله الرحمن الرحيم
وحسبنا الله ونعم الوكيل
الحمد لله على إحسانه العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القديم، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالدين القويم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أكمل تسليم.
وبعد: فقد جمعت في الخصال المستوجية لظل العرش جزءا حافلا، تتبعت فيه الأحاديث الواردة في ذلك، وأوردتها بأسانيدها، وبينت حال الإسناد ورجاله، واستوعبت شواهد كل حديث وخصاله، فحوى من الفوائد الجمة، ما لا مزيد عليه في الجملة، ووصلت فيه الخصال المذكورة سبعين خصلة.
وقد أوردت تلخيصها هنا، لمن يرغب في الإسناد، وهم أكثر عجزة العصر، فأقتصر على متن الحديث وصحابيه، ومخرجيه، وبيان حاله صحة وضعفا، وأشير إلى بقية الطرق المصرحة بالإظلال، بقولي: وله شاهد عن فلان، وسميته: " بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال ".
والله أسأل التوفيق والهداية إلى سواء الطريق.
الكلام على السبع الأول المشهورة
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ قال: سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ﷿، ورجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عينه، ورجل عته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي ومالك في ومالك في " الموطأ ".
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وسلمان الفارسي.
وفي خصلة التحاب عن أبي هريرة أيضا، ومعاذ بن جبل والعرباض بن سارية وأبي الدرداء وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
وفي خصلة الصدقة عن عقبة بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة.
قال أبو شامة:
وَقالَ النَّبِيِّ المُصطَفى إِنَّ سَبعَةً ... يَظِلُّهُم اللَهُ العَظيم بِظِلِّه
مُحِبٌ عَفيفٌ ناشِيء مُتَصَدِّق ... وَباكٍ مُصَلِّ وَالإِمامُ بِعَدلِه
الكلام على السبعة الثانية
التي زادها شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى آمين. آمين ١أعن أبي اليَسَر رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أنظر معسرًا، أو وضع عنه، أظله الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله. حديث صحيح، أخرجه عبد بن حميد في مسنده وأحمد هكذا، وابن ماجة بمعناه، ومسلم بقصة طويلة.
وعن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من نفس عن غريمه، أو محى عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة.
حديث صحيح، أخرجه الدارمي في مسنده هكذا، وأحمد مطولا.
وفي الباب: عن أبي هريرة وعثمان بن عفان وشداد بن أوس وجابر وكعب بن عجرة وأبي الدرداء وأسعد بن زرارة ورجل لم يسم وعائشة.
وعن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه وعنهم أجمعين قال: قال رسول الله ﷺ: من أعان مجاهدا في سبيل الله، أو غارما في عسرته، أو مكاتبا في رقبته، أظله الله تعالى في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
حديث حسن، أخرجه عبد وأحمد والحاكم.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ من أظل رأس غاز، أظله الله يوم القيامة.
حديث حسن، أخرج أبو يعلي وأحمد وابن ماجة وابن حبان.
وفي إسناده الوليد بن أبي الوليد مدني، أثنى عليه أبو داود خيرا، ولينه ابن جرير، وقد أخرج هذا الحديث في تهذيب الآثار.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: سبعة في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله، ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياها، ورجل يحب عبدا، لا يحبه إلا لله، وإمام مقسط في رعيته، ورجل يعطي الصدقة بيمينه، يكاد يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه امرأة نفسها ذات منصب وجمال، فتركها الجلال الله، ورجل كان في سرية مع قوم، فلقوا العدو، فانكشفوا، فحمى آثارهم، حتى نجوا ونجا أو استشهد.
رويناه في جزء بيبى وتاريخ ابن عساكر.
قال حافظ العصر ابن حجر:
1 / 1
حديث حسن، غريب جدا في غالب ألفاظه، والخصلة السابعة فيه أشد غرابة. وفي إسناده: هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهذه الترجمة أخرج بها الشيخان عدة أحاديث.
وفيه عثمان بن الهيثم العبدي البصري المؤذن، وقد أخرج عنه البخاري بواسطة وبغيرها، لكن قال أبو حاتم: إنه صار يلقن بأخرة فيتلقن، وعليه يتنزل قول القرطبي: إنه كثير الخطأ.
وبهذه الخصلة تكملت الخصال في الأحاديث السابقة سبعة.
قال الحافظ أبو الفضل رحمه الله تعالى:
وَزِد سَبعَةَ إِظلالِ غازٍ وَعَونِهِ ... وَإِنظارٍ ذي عَسرٍ وَتَخفيفٍ حَملُهُ
وَحامي غُزاةَ حينٍ وَلّوا وَعَونُ ذي ... غَرامَةِ حَقٍّ مَع مَكاتِبِ أَهلِهِ
الكلام على السبعتين
اللتين زادهما الحافظ أبو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى، وفي أحاديثها ضعف
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة من كن فيه، أظله الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله: الرضى على المكاره، والمشي إلى المساجد في الظلم وإطعام الجائع.
قال الحافظ ابن حجر: حديث غريب، أخرجه أبو الشيخ في " كتاب الثواب " والأصبهاني في " الترغيب "، وفية عبد الله بن إبراهي الغفاري. ضعيف جدا.
وأخرج له الترمذي وابن ماجة.
عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: من أطعم الجائع حتى يشبع، أظله الله تحت ظل عرشه.
رواه الطبراني في " مكارم الأخلاق ".
قال الحافظ: وهو غريب.
وعن جابر قال: أشهد لسمعت رسول الله ﷺ يقول: أظل الله في ظله، يوم القيامة. من أنظر معسرا، أو أعان أخرق. رواه الطبراني في " الأوساط " من رواية محمود بن علي الأصبهاني قال: ثنا هارون بن موسى قال ثنا عبد الله بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن جابر.
وقال: لا يروى عن سعيد المقبري إلا بهذا الإسناد.
قال الحافظ: وهو غريب، وابن سعيد الذي رواه، واسمه: عبد الله وهو ضعيف.
عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ.
التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة.
رواه الأصبهاني في " ترغيبه " والديلمي في " مسند الفردوس ".
قال الحافظ: انفرد به يحيى بن شبيب، وهو منكر الحديث، متهم عند الأئمة.
قلت: وفي الباب عن أبي هريرة ويأتي.
عن أبي هريرة قال: قال رسو الله ﷺ: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم ﵇: يا خليلي، حسن خلقك ولو مع الكفار، تدخل مداخل الأبرار، وإن كلمتي سبقت لمن حسن خلفه، أن أظله تحت عرشي، وأسقيه من حظيرة قدسي، وأدنيه من جواري.
رواه الطبراني وابن عدي في " الكامل "، وقال: تفرد به مؤمل عن أبي أمية وهو ضعيف.
ورواه الأصبهاني من طريق آخر ضعيف.
عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: من كفل يتيما أو أرملة، أظله الله في ظله، يوم القيامة، مختصرا. رواه الطبراني في " الأوسط " ومكارم الأخلاق ".
وفي سنده مجهول.
وابن شاهين.
وعن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال: قال داود: يا رب ما جزاء من أعال أرملة أو يتيما، ابتغاء مرضاتك؟ قال: أظله، يوم لا ظل إلا ظلي.
رواه الديلمي، وفيه ضعف وانقطاع.
وفي الباب عن أنس.
وله شواهد موقوفة.
عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: الذي إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس، كحكمهم لأنفسهم.
أخرجه أحمد والبيهقي في " شعب الإيمان " وابن منيع وأبو نعيم وغيرهم.
قال الحافظ: ولم أره إلا من حديث ابن لهيعة، وهو ضعيف.
عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: صل على الجنائز، ولعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله، مختصرا.
أخرجه الحاكم في " المستدرك " والبيهقي في " الشعب ".
لكن أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " بإسناد فيه مبهم، لم يعرف، وسقط من إسناد الحاكم، فبذلك يخدش في استدراكه له. وأخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب القبور "، بإسناد فيه موسى بن داود، وهو مضطرب الحديث.
عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
1 / 2
الوالي العادل ظل الله ورمحه في الأرض، فمن نصحه في نفسه، وفي عباد الله، أظله الله تعالى بظله، يوم لا ظل إلا ظله.
أخرجه ابن شاهين والأصبهاني في " الترغيب "، بإسناد فيه سليمان بن رجاء، وهو مجهول.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من أراد أن يظله الله بظله، فلا يكون على المؤمنين غليظا، وليكن بالمؤمنين رحيما.
أخرجه أبو الشيخ في " الثواب " وأبو بكر بن لال في " مكارم الأخلاق " والبيهقي في " الشعب " وأو نعيم في " الحلية ".
وعنه قال: قال موسى بن عمران ﵇: يا رب ما لمن تصبر الثكلى؟ قال: أظله بظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " وابن شاهين في " الترغيب ".
قال الحافظ: وطريقة والذي قبله أوهى مما تقدم.
قلت: رواه الديلمي من طريق عن أبي بكر وعمران بن حصين معا مرفوعا.
قال الحافظ رحمه الله تعالى:
وَزِد مَع ضُعفِ سَبعَتَينِ إِعانَة ... لأَخرَقَ مَع أَخذٍ لِحَقٍّ وَبَذلِهِ
وَكَرهٍ وَضوءٍ ثُمَّ مَشي لِمَسجِدٍ ... وَتَحسينِ خُلقٍ ثُمَّ مَطعَمٍ فَضلِهِ
وَكافِلٍ ذي يَتمِ وَأَرمَلَةٍ وَهَت ... وَتاجِرِ صِدقٍ في المَقالِ وَفِعلِهِ
وَحُزنٌ وَتَصبيرٌ وَنُصحٌ وَرَأفَةٌ ... تَرَبَّعَ بِها السَبعاتٌ مِن فَيضٍ فَضلِهِ
الكلام على الخصال التي زدتها
عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة في ظل العرش، يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم، يزيد الله في رزقه، ويمد في أجله.
وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاما صغارا. فقالت: لا أتزوج، أقيم على أيتامي، حتى يموتوا، أو يغنيهم الله.
وعبد صنع طعاما، فأضاف ضيفه، وأحسن نفقته، فدعا إليه اليتيم والمسكين، فأطعمهم لوجه الله.
أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في " الثواب " ولأصبهاني والطبسي في " ترغيبهما "، والديلمي في " مسند الفردوس ".
وفي إسناده الهيثم بن جمان: ضعفه ابن معين وغيره.
عن يزيد الرقاشي - وهو سيء الحفظ - عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة: رجل حيث توجه، علم أن الله معه، ورجل دعته امرأة إلى نفسها فتركها من حشية الله، ورجل يحب الناس لجلال الله.
أخرجه الديلمي والطبراني في " الكبير ".
وفي إسناده بشر بن نمير، متروك.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: أهل الجوع في الدنيا، هم الذين يقبض الله أرواحهم، وهم الذين إذا غابوا لم يفقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أخفياء في الدنيا، معروفون في السماء، إذا رآهم الجاهل، ظن بهم سقما، وما بهم سقما إلا الخوف من الله يستظلون يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله.
أخرجه الديلمي.
وفيه إسحاق بن سعيد أبو سلمة الدمشقي، قال أبو حاتم: مجهول، وقال الدارقطني: مكنر الحديث. وقال الذهبي: ضعفوه.
وله شاهد من حديث معاذ بن جبل.
عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم، وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله، مع أنبيائه وأصفيائه.
أخرجه الديلمي.
وفي إسناده ضعف.
وله شاهد.
أخرج ابن شاذان في " مشيخته " بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: سبعة يظلهم الله، تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله: إمام مقسط، ورجل لقيته امرأة ذات جمال ومنصب، فعرضت نفسها عليه، فقال: إني أخلف الله رب العالمين، ورجل تعلم القرآن في صغره، فهو يتلوه في كبره، ورجل تصدق بصدقة بيمينه، فأخفاها عن شماله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل أتى رجلا، فقال له: غني أحبك في الله، ورجل ذكر الله بين يديه، ففاضت عيناه، خشية من الله.
عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين، والناس في الحساب: رجل لم تأخذه في الله لومة لائم.
ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له.
1 / 3
ورجل لم ينظر إلى ما حرم الله عليه.
أخرجه الأصبهاني في " ترغيبه ".
وفي إسناده: عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، متروك.
وللخصلة الثانية منه شاهد عن سلمان الفارسي.
وللثالثة شاهد عن جابر بن عبد الله.
عن أبي الدرداء ﵁ قال: قال موسى بن عمران ﵇: يا رب من يساكنك في حضيرة القدس، ومن يستظل بظلك، يوم لا ظل إلا ظلك؟ قال: أولئك الذين لا ينظرون بأعينهم الزنا، ولا يبتغون في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، أولئك طوبى لهم، وحسن مآب.
أخرجه البيهقي وابن عساكر في " تاريخ دمشق "، وليس في روايته من اتفق على تركه، وما كان أو الدرداء ممن يأخذ من أهل الكتاب، فالظاهر أن لحديثه حكم الرفع.
وله شاهد مرفوع من حديث أنس.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار.
أخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " والديلمي.
وفي إسناده من لا يعرف.
وللخصلة الأخيرة شاهد صحيح من حديث أبي هريرة في المستدرك عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة تحت ظل عرش الله، يوم لا ظل إلا ظله: من فرج عن مكروب أمتي، ومن أحيى سنتي، ومن أكثر الصلاة علي أورده في " الفردوس " وبيّض له في " مسنده "، ولم يذكر له إسنادًا.
وله شاهد متصل من حديث أنس أيضا في " ترغيب الطبيسي ".
عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ذراري المسلمين يوم القيامة، تحت ظل العرش، شافعين ومشغعين.
أخرجه أبو نعيم.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رجلا من الأنصار، كان له ابن يروح معه، فسأله رسول الله ﷺ: أتحبه؟ فقال: يا نبي الله، نعم، فأحبك الله كما أحبه.
فقال: إن الله أشد حبا لي منك له.
فلم يلبث أن مات ابنه، فراح إلى النبي ﷺ، فقال له: أجزعت؟ قال: نعم.
قال: أما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم، يلاعبه تحت ظل العرش.
قال: بلى.
أخرجه الطبراني في " الكبير "، بسند رجاله ثقات.
عن فضيل بن عياض قال: بلغني أن موسى ﵇ قال: أي رب، من يظل تحت عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك.
قال: يا موسى، الذين يعودون المرضى، ويشيعون الهلكى، ويعزون الثكلى.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب العزاء ".
عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبيه قال: كان يقال: ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة: عائد المريض، ومشيع الهلكى، ومعزي الثكلى.
أخرجه أيضا في " كتاب العزاء ".
وللعيادة شاهد مرفوع من حديث عمر بن الخطاب.
عن مغيث بن سمي قال: تركد الشمس فوق رؤوسهم، على أذرع، وتفتح أبواب جهنم، فتهب عليهم ريحها، وسمومها، ويخرج عليهم نفحاتها، حتى تجري الأرض من عرقهم أنتن من الجيف، والصائمون في ظل العرش.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الأهوال ".
ومغيث من التابعين. ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي.
وله شواهد مرفوعة من حديث أنس.
وقد تحصل من هذه الأحاديث إحدى وعشرين خصلة، فصارت ثلاث سبعات، مع الأربع السابقة، وذلك سبع سبعات، فقلت:
وَزِد مَع ضَعفِ مَن يُضيف وَعِزبَةً ... لأَيتامِها ثُمَّ القَريبُ بِوَصلِهِ
وَعلِمَ بِأَنَّ اللَهَ مَعَهُ وَحُبَّهُ ... لإِجلالِهِ وَالجوعِ مَع أَهلِ حَبلِهِ
وَزَهدٌ وَتَفريجٌ وَغَضٌ وَقُوَّةُ ... صَلاةٍ عَلى الهادي وَأِحياءِ فِعلِهِ
وَتَرَكَ الرِّبا مَع رَشوَةِ الحُكمِ وَالزِنا ... وَطِفلٍ وَراءَ الشَمسِ ذِكرًا وَظِلِّهِ
وَصَومٍ وَتَشييعٍ لِمَيِّةٍ عِيادَةٍ ... فَسَبِّع بِها السَبعاتِ يا زَينَ أَصلِهِ
ثم وجدت خصلات أخرى
عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة، طوبى لهم.
قيل: يا رسول الله، ومن هم؟ قال: هم شيعتك يا علي ومحبوك.
أخرجه أبو سعد الكَنجَرُوْدِي في " فوائده " تخريج أبي سعيد السكري.
1 / 4
وقال السكري: هذا حديث غريب من حديث سلم الخواص، وهو قليل الحديث جدا، له مناكير.
قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه.
وفي إسناده: سليمان بن أحمد الملطي، ورماه الدارقطني بالكذب، وهو المتهم به.
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: من قرأ إذا صلى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام، إلى (وَيَعلَمُ ما تَكسِبونَ)، نزل إليه أربعون ألف ملك، يكتب له مثل أعمالهم، ونزل إليه ملك من فوق السماوات، ومعه مرزبة من حديد، وإن أوحى الشيطان في قلبه شيئا، من الشر، ضربه حتى يكون بينه وبينه سبعون ألف حجاب، فإذا كان يوم القيامة، قال الله تعالى: " أنا ربك، وأنت عبدي، امشي في ظلي، واشرب من الكوثر، واغتسل من السلسبيل، وادخل الجنة بلا حساب. ولا عذاب ".
حديث غريب.
في إسناده إبراهيم بن إسحاق الصيني، قال الدارقطني: متروك. وقال الأزدي: زائغ، لكن وثقه ابن حبان.
وله شاهد، عن ابن مسعود مرفوعا.
عن وهب بن منبه وكعب الأحبار قالا: قال موسى ﵇: إلهي ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى، أظله يوم القيامة، بظل عرشي، واجعله في كنفي.
أخرجه أبو نعيم في " الحلية ".
وله شاهد مرفوع من مرسل سعيد بن المسيب ومرسل أبي المخارق.
عن زيد بن أسلم: أن موسى ﵇ قال: يا رب أخبرني بأهلك، الذين هم أهلك، الذين تؤويهم في ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك.
قال: هم الطاهرة قلوبهم، البريئة أيديهم، الذين يتحابون لجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين يسبغون الوضوء على المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكرها، الذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت، كما يغضب النمر إذا حرب، والذين يكلفون بحبي، كما يكلف الصبي، بحب الناس، الذين يعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الأولياء "، والبيهقي في " الشعب " وغيره. عن كعب قال: أوحى الله إلى موسى في التوراة: يا موسى، من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ودعا الناس إلى طاعتي، فله صحبتي في الدنيا، وفي القبر، وفي القيامة ظلي.
أخرجه أبو نعيم في " الحلية ".
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إن موسى لما قربه الله نجيا، أبصر عبدا جالسا في ظل العرش، سأله: أي رب، من هذا؟ قال: هذا عبد، لا يحسد الناس، على ما آتاهم الله من فضله، بر بالوالدين، لا يمشي بالنميمة.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخه ".
وقد حصل من هذه الآثار أربع عشرة خصلة، وقد نظمتها فقلت:
وَزِد سَبعَتَين: الحُب لِلَهِ بالغًا ... وَتَطهيرُ قَلبٍ وَالغَضوبَ لأَجلِهِ
وَحُبُّ عَلَيَّ ثُمَّ ذِكرُ إِنابَة ... وَأَمرٌ وَنَهيٌ وَالدُّعاءُ لِسُبلِهِ
وَمِن أَوَّلِ الأَنعامِ يَقرَأُ غُداتَهُ ... وَمُستَغفِرِ الأَسحارِ يا طَيَّبِ فِعلِهِ
وَبِرٌ وَتَركُ النَمِّ وَالحَسَدِ الَّذي ... يَشينُ الفَتى فَاِشكُر لِجامِعٍ شَملِهِ
ثم وجدت سبعة أخرى. فكملت سبعين
عن عقبة بن عبد السلمي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ القتلى ثلاثة: رجل مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العد قاتلهم، حتى يقتل، فذاك الشهيد المفتخر، في خيمة الله تحت العرش، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة..الحديث.
أخرجه أحمد والطبراني بسند صحيح.
وله شاهد عن أنس وأبي بن كعب وغيرهما.
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا: اللهم اغفر للمعلمين، وأطل أعمارهم، وأظلهم تحت ظلك، فإنهم يعلموا كتابك المنزل. أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد، وفيه أبو الطيب محمد بن الفرخان غير ثقة.
وله شاهد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة: رجل أم قوما وهم له راضون، ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة، وبعد أدى حق الله وحق مواليه. أخرجه الترمذي.
وله شاهد فيها الإشارة إلى الإظلال:
1 / 5
عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله عبادا استخصهم لنفسه لقضاء حوائج الناس، وآلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار. فإن كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور يحادثون الله، والناس في الحساب.
أخرجه الطبراني وأبونعيم.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة، قد أمنوا من الفزع أخرجه البزار في " مسنده ".
وقد قلت:
وَزِد سَبعَةَ قاضي حَوائِجٍ خَلقِهِ
وَأُمٌ وَتَعليمُ آذانٌ وَهِجرَةٍ
1 / 6