بستان الواعظين ورياض السامعين

ابن الجوزي ت. 597 هجري
100

بستان الواعظين ورياض السامعين

محقق

أيمن البحيري

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٩ - ١٩٩٨

مكان النشر

لبنان

أمة إِلَّا وَله كتاب يَقْرَؤُهُ يَوْم الْعرض والحساب وَإِنَّمَا مثل النَّاس عِنْد قراءتهم الْكتاب كَمثل الزَّارِع إِن زرع طيبا رفع طيبا وَإِن زرع خبيثا رفع خبيثا يَا أخي فكأنك أَنْت كتبته بأقوالك وملأته بأفعالك وسودته بالقبائح من أعمالك وأنشدوا (كَأَنِّي بنفسي فِي الْقِيَامَة وَاقِف ... وَقد فاض دمعي حِين أعطي كتابيا) (لعلمي بأفعالي وَسُوء مناقبي ... وَأَن كتابي سَوف يُبْدِي المساويا) فيا أهل الذُّنُوب مثلي اعلموا أَن الْأَعْمَال قد أَثْبَتَت عَلَيْكُم فِي الدِّيوَان من الْإِحْسَان والعصيان وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان والنفاق وَالْإِيمَان وَأَنت غافل فِي سكرة الْغرُور وكتابك مَمْلُوء بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور فبادروا إِلَى الصحائف وأمحوا مَا فِيهَا من القبائح ومحصوا مَا قد ثَبت عَلَيْكُم من الفضائح وَذَلِكَ باكتساب الْحَسَنَات كَمَا قَالَ رب الْأَرْضين وَالسَّمَوَات ﴿إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾ هود ١١٤ ١٨٥ - أول النَّاس حسابا ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن أول مَا يُحَاسب الله من الْأُمَم أمة مُحَمَّد ﷺ فَإِذا اجْتمع الْأَولونَ وَالْأَخِرُونَ فِي أَرض الْقِيَامَة وقفت أمة مُحَمَّد ﷺ فَأول من يَدعِي مِنْهُم إِلَى الْحساب رجل من قُرَيْش من بني مَخْزُوم يُقَال لَهُ عبد الله بن عبد الْأسد وَله أَخ يُقَال لَهُ الْأسود بن عبد الْأسد وَفِيهِمَا نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ ﴿فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ﴾ الحاقة ١٥ إِلَى قَوْله ﴿فِي الْأَيَّام الخالية﴾ الحاقة ٢٤ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن عبد الْأسد ﴿وَأما من أُوتِيَ كِتَابه بِشمَالِهِ﴾ الحاقة ٢٥ وَهُوَ الْأسود بن عبد الْأسد فَأَما عبد الله وَهُوَ الْمُؤمن فَيدْخل من وَرَاء الْحجب فَيُوقف بَين يَدي الله ﷿ فترعد فرائصه وتنفك أوصاله وتذهل نَفسه من شدَّة الْخَوْف من الله تَعَالَى فَبَيْنَمَا هُوَ على أَشد الْأَحْوَال من الْخَوْف بَين يَدي الْجَبَّار ﷻ إِذْ يَأْتِيهِ ملك من عِنْد الله تَعَالَى وَبِيَدِهِ صحيفَة بَيْضَاء مختومة بِخَاتم الْخلد فَيَقُول لَهُ الْملك ١٨٦ - كتاب الْحَسَنَات هَذَا كتابك فَيتَنَاوَل الْكتاب بِيَمِينِهِ وكل من كَانَ من أهل الشقاوة إِذا أُوتِيَ كِتَابه يروم أَن يمد الْيَمين لأَخذه فَلَا يقدر لِأَنَّهُ يجد يَمِينه كَأَنَّمَا علقت فِيهَا جبال

1 / 109