البرهان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
وَسُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ أَوْ أُنْزِلَتْ مَرَّتَيْنِ وَالْوَافِيَةَ بِالْفَاءِ لِأَنَّ تَبْعِيضَهَا لَا يَجُوزُ وَلِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِي الْقُرْآنِ وَالْكَنْزَ لِمَا ذَكَرْنَا وَالشَّافِيَةَ وَالشِّفَاءَ وَالْكَافِيَةَ وَالْأَسَاسَ
وَيَنْبَغِي الْبَحْثُ عَنْ تَعْدَادِ الْأَسَامِي: هَلْ هُوَ تَوْقِيفِيٌّ أَوْ بِمَا يَظْهَرُ مِنَ الْمُنَاسَبَاتِ؟ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَنْ يَعْدِمَ الْفَطِنُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَعَانِيَ كَثِيرَةً تَقْتَضِي اشْتِقَاقَ أسمائها وهو بعيد
خاتمة أخرى: في اختصاص كل سورة بما سميت
يَنْبَغِي النَّظَرُ فِي وَجْهِ اخْتِصَاصِ كُلِّ سُورَةٍ بِمَا سُمِّيَتْ بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَرَبَ تُرَاعِي فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ أَخْذَ أَسْمَائِهَا مِنْ نَادِرٍ أَوْ مُسْتَغْرَبٍ يَكُونُ فِي الشَّيْءِ مِنْ خَلْقٍ أَوْ صِفَةٍ تَخُصُّهُ أَوْ تَكُونُ مَعَهُ أَحْكَمُ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَسْبَقُ لِإِدْرَاكِ الرَّائِي لِلْمُسَمَّى وَيُسَمُّونَ الْجُمْلَةَ مِنَ الْكَلَامِ أَوِ الْقَصِيدَةَ الطَّوِيلَةَ بِمَا هُوَ أَشْهَرُ فِيهَا وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتْ أَسْمَاءُ سُوَرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ كَتَسْمِيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِهَذَا الِاسْمِ لِقَرِينَةِ ذِكْرِ قِصَّةِ الْبَقَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَعَجِيبِ الْحِكْمَةِ فِيهَا وَسُمِّيَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَا تَرَدَّدَ فِيهَا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّسَاءِ وَتَسْمِيَةُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ تَفْصِيلِ أَحْوَالِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ لَفْظُ الْأَنْعَامِ فِي غَيْرِهَا إِلَّا أَنَّ التَّفْصِيلَ الْوَارِدَ فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿ومن الأنعام حمولة وفرشا﴾ إلى قوله: ﴿أم كنتم شهداء﴾ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِهَا
1 / 270