وفي الحقيقة أن تلك المصائب التي داهمتنا كسيل جارف لم تحل بيني وبين ما أريده لوطني العزيز ولم تطف شعلة عزيمتي ولم تثبط همتي بل ما زادتني إلا ثباتا وإقداما وشعورا بعظمة المسؤولية التي ألقاها الواجب على كاهلي.نعم كانت الباعث الأكبر والسبب الوحيد في إشهار قلم ناري قدر له أن يكبو وهو لازال في شبابه غضا وقدر له بفضل الإرادة أن يقوم ويجدد الكرة بعزيمة فولاذية لا تكل مرة أخرى فها هو اليوم بعدما أفللته بعض التجارب قد شحذته الثقة والعزيمة والثبات صار ينادي بكل صراحة غير هياب ولا وجل لعل الأمة المعذبة بل الشهيدة تجيبه إن كان فيها رمق من الحياة يصلح للنهوض وهولا محالة سيسر أقواما ويسوء آخرين على أني لم أحركه لأكدر به صفوأحد ولكن هكذا أراد القدر وهكذا شاءت القلوب المريضة أن تضيق نفسها بنفسها وفضاء الله واسع ولست من الذين يكتبون للتسلية والترويح عن النفس ولا من الذين يتلذذون بالعبارات المنمقة الرقيقة ولكني أكتب لأفيد وأستفيد، أكتب لا ليقال إنه كتب بل ليقول لي ضميري:"إنك قمت بواجبك وأديت ما عليك فكن مطمئنا" ثم بعد هذا لا أرجو جزاء من مخلوق ولا أخاف عقابا إذ الله وحده يرجى ويرهب ويطلب منه العفو والثواب.
في كتابي هذا توجد كلمات اجتماعية نقدية أدبية تاريخية قومية حكمية إرشادية دينية أخلاقية إلخ إلخ إلا السياسة فإني لم أطرقها لعدم حاجتنا إليها وتعطشنا إلى ما هو أهم وأكيد لنهوضنا وحياة بلادنا العزيزة.إن السياسة لتضر بالأمم في أول نشأتها خصوصا إذا كان الجل من أبنائها لا يفرقون بين الحسن والقبيح ويسبحون في بحور من الجهل الأسود.
صفحة ٥