باب في وصف الكفر بالله والكفر بنعمته
قال الحسن بن علي [الناصر] عليه السلام : إعلم هداك الله أن الكفر والجحد والستر بعضه قريب من بعض في لغة العرب ، ويقوم بعضه مقام بعض كما يقوم الشكر للمعروف والإيمان والإقرار والتصديق مقام بعض ، وهذه الأسماء الأخيرة اضداد للأسماء الأولى ، ولها معان وأوصاف تتفرع منها ، أنا ذاكرها فيما بعد إن شاء الله.
تقول العرب : شكرت معروف فلان ، وأقررت وصدقت بمعنى واحد وتقول : سترت معروف فلان, وجحدته وكفرت به بمعنى واحد ، قال لبيد بن ربيعة يصف دخول الشمس في الليل ومغيبها في الظلام إذا غابت بغروبها :
وقال في بيت آخر:
يريد أن الليل ستر الشمس وكفرها ، وأن النجوم يسترها الغمام فكفرها.
وتقول العرب : جاءنا فلان متكفرا بالسلاح أي مستترا ، والكفر : هو الجحد لنعم الله والستر لها ، التي غمرت جميع خلقه قال الله سبحانه وتعالى في بيان ذلك :?الله الذي خلق السموات والأرض وانزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك? الى قوله :?إن الإنسان لظلوم كفار? أي كفار لنعمه عليه بمعصيته إياه ، ظلوم لنفسه بذلك ، وقال جل ذكره من أول سورة النحل يذكر نعمه على عباده ، ويذكرهم بها ليطاع ولايعصى الى قوله : ?وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم? ثم ذكرهم نعمه الى آخر السورة.
وفي الفرقان من هذا مايكثر مما فيه هدى وشفاء والحمد لله ، فكل من عصى الله متعمدا وأصر على معصيته ، كانت من الكبائر التي اوعد الله عليها سخطه وعذابه فقد كفر نعمه وجحدها وسترها ولم يشكرها ، فالكفر ضد الشكر ، قال عنترة :
أنبئت عمرا غير شاكر نعمتي والكفر مخبثة لنفس المنعم
قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهم يكسرون الأصنام :
صفحة ٢٥