البداية والنهاية

ابن كثير ت. 774 هجري
58

البداية والنهاية

الناشر

مطبعة السعادة

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التاريخ
فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ٣٤: ٢٠- ٢١ وقال تعالى يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ من الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ من حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ٧: ٢٧ وَقَالَ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَرًا من صَلْصالٍ من حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ من حَمَإٍ مَسْنُونٍ قال فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ. قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ. وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ١٥: ٢٨- ٤٤ وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي الْأَعْرَافِ وَهَاهُنَا وَفِي سُورَةِ سُبْحَانَ وَفِي سُورَةِ طه وَفِي سُورَةِ ص وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَوَاضِعِهِ فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ وَسَنُورِدُهَا فِي قِصَّةِ آدَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إِبْلِيسَ أنظره الله إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِحْنَةً لِعِبَادِهِ وَاخْتِبَارًا مِنْهُ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ. وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ٣٤: ٢١ وَقَالَ تَعَالَى وَقال الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) ١٤: ٢٢- ٢٣ فَإِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ حَيٌّ الْآنَ مُنْظَرٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَلَهُ عَرْشٌ عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ وَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ يُلْقُونَ بَيْنَ النَّاسِ الشَّرَّ وَالْفِتَنَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا ٤: ٧٦ وَكَانَ اسْمُهُ قَبْلَ مَعْصِيَتِهِ الْعَظِيمَةِ عَزَازِيلَ قَالَ النَّقَّاشُ وَكُنْيَتُهُ (أَبُو كُرْدُوسٍ) وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِابْنِ صَيَّادٍ مَا تَرَى قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ (اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ) فَعَرَفَ أَنَّ مَادَّةَ مُكَاشَفَتِهِ الَّتِي كَاشَفَهُ بِهَا شَيْطَانِيَّةٌ مُسْتَمَدَّةٌ مِنْ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ يُشَاهِدُ عَرْشَهُ عَلَى الْبَحْرِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ أَيْ لَنْ تُجَاوِزَ قِيمَتَكَ الدَّنِيَّةَ الْخَسِيسَةَ الْحَقِيرَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ حدثني معاذ التَّمِيمِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (عَرْشُ إِبْلِيسَ فِي الْبَحْرِ يَبْعَثُ

1 / 58