153

البداية والنهاية

الناشر

مطبعة السعادة

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التاريخ
أَمْوَالَهُ وَقَتَلَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ خَلْقًا كَثِيرًا وَهَزَمَهُمْ وَسَاقَ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى وَصَلَ الى شرقى دِمَشْقَ وَعَسْكَرَ بِظَاهِرِهَا عِنْدَ بَرْزَةَ وَأَظُنُّ مَقَامَ إبراهيم انما سمى لأنه كان مَوْقِفِ جَيْشِ الْخَلِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا إِلَى بِلَادِهِ وَتَلَقَّاهُ مُلُوكُ بِلَادِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُعَظِّمِينَ لَهُ مُكْرِمِينَ خَاضِعِينَ وَاسْتَقَرَّ بِبِلَادِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ذِكْرُ مَوْلِدِ إسماعيل ﵇ مِنْ هَاجَرَ قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ سَأَلَ اللَّهَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً وَأَنَّ اللَّهَ بَشَّرَهُ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ببلاد بيت المقدس عشرون سنة قَالَتْ سَارَةُ لِإِبْرَاهِيمَ ﵇ إِنَّ الرَّبَّ قَدْ أَحْرَمَنِي الْوَلَدَ فَادْخُلْ عَلَى أَمَتِي هَذِهِ لعل الله يرزقني مِنْهَا وَلَدًا فَلَمَّا وَهَبَتْهَا لَهُ دَخَلَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ ﵇ فَحِينَ دَخَلَ بِهَا حَمَلَتْ مِنْهُ قَالُوا فَلَمَّا حَمَلَتِ ارْتَفَعَتْ نَفْسُهَا وَتَعَاظَمَتْ عَلَى سَيِّدَتِهَا فَغَارَتْ مِنْهَا سَارَةُ فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهَا افْعَلِي بِهَا مَا شِئْتِ فَخَافَتْ هَاجَرُ فَهَرَبَتْ فَنَزَلَتْ عِنْدَ عَيْنٍ هُنَاكَ فَقَالَ لَهَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا تَخَافِي فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي حَمَلْتِ خَيْرًا وَأَمَرَهَا بِالرُّجُوعِ وَبَشَّرَهَا أَنَّهَا سَتَلِدُ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ إِسْمَاعِيلَ وَيَكُونُ وَحْشَ النَّاسِ يَدُهُ عَلَى الْكُلِّ وَيَدُ الْكُلِّ بِهِ وَيَمْلِكُ جَمِيعَ بِلَادِ إِخْوَتِهِ فَشَكَرَتِ اللَّهَ ﷿ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ إِنَّمَا انْطَبَقَتْ عَلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ الَّذِي سَادَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَمَلَكَتْ جَمِيعَ الْبِلَادِ غَرْبًا وَشَرْقًا وَأَتَاهَا اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ والعمل الصالح ما لم تؤت أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِشَرَفِ رَسُولِهَا عَلَى سَائِرِ الرُّسُلِ وَبَرَكَةِ رِسَالَتِهِ وَيُمْنِ بِشَارَتِهِ وَكَمَالِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَعُمُومِ بَعْثَتِهِ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ. وَلَمَّا رَجَعَتْ هَاجَرُ وضعت إسماعيل ﵇ قالوا وولدته وَلِإِبْرَاهِيمَ مِنَ الْعُمُرِ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً قَبْلَ مَوْلِدِ إِسْحَاقَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلُ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يُبَشِّرُهُ بِإِسْحَاقَ مِنْ سَارَةَ فَخَرَّ للَّه سَاجِدًا وَقَالَ لَهُ قَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ فِي إِسْمَاعِيلَ وَبَارَكْتُ عَلَيْهِ وكثرته ونميته جدا كثيرا وَيُولَدُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَظِيمًا وَأَجْعَلُهُ رَئِيسًا لِشَعْبٍ عَظِيمٍ وَهَذِهِ أَيْضًا بِشَارَةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْعَظِيمَةِ وَهَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ عَظِيمًا هُمُ الْخُلَفَاءُ الراشدون الِاثْنَا عَشَرَ الْمُبَشَّرُ بِهِمْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ (يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا) ثُمَّ قَالَ كَلِمَةٌ لَمْ أَفْهَمْهَا فَسَأَلْتُ أَبِي مَا قَالَ قَالَ (كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ) أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ قَائِمًا وَفِي رِوَايَةٍ عَزِيزًا حَتَّى يَكُونَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ. فَهَؤُلَاءِ مِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ. وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا. وَمِنْهُمْ بَعْضُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ اثْنَيْ عَشَرَ نَسَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمْ وَلَيْسَ المراد الأئمة الاثني عشر الذين يَعْتَقِدُ فِيهِمْ الرَّافِضَةُ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ الْمُنْتَظِرُ بِسِرْدَابِ سَامَرَّا وَهُوَ محمد ابن الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ فِيمَا يَزْعُمُونَ فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يكن فيهم أنفع من

1 / 153