البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
تصانيف
فصل واعلم أن الأدلة القرآنية والأخبار النبوية دالة على أن العبادات شرعت شكرالله على ما أولى من عظيم نعمة التي لا تحصى ولا يحيط بها الواصف، فجميع العبادات شكر لله فمنها ما أوجبه سبحانه وحتم على العباد فرضه، ومنها عفا عن إيجابه وفرضه، فالشكر على قدر النعمة ولولا عفو الله ورحمته لم يبلغ الإنسان شكر أقل نعمة بعد أن يبلغ في ذلك جهده ويتعب نفسه، كيف بجلائل النعم وعظائم النعم والقسم؟.
وبهذا التقرير يندفع الإشكال الذي يذكر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم الشكر)) وقوله في الحج: ولو قلت لكل عام لوجب لأن الجميع شكر له إن يعفو عن بعضه، ويقبل من عباده الشكر بالبعض من القرب، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم، وكذلك يندفع الإشكال الذي يرد على جواب ما أوجبه العبد العبد على نفسه للوجه الذي ذكرناه فإنه لا يجب إلا ما كان قربة، والقرب كلها شكر فإذا عينها العبد بالإيجاب تعينت كتعين الشرائع، وحينئذ فيكون الثواب تفضلا.
صفحة ١١٣