216

بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب

محقق

محمد مظهر بقا

الناشر

دار المدني

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

السعودية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ، وَإِنْ كَانَتْ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً، لَكِنَّهَا إِفَادَتُهَا لِمَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ ; لِأَنَّ الشَّارِعَ وَضَعَهَا لِمَحَلِّ الْمَجَازِ اللُّغَوِيِّ.
فَتَكُونُ مَجَازَاتٍ لُغَوِيَّةً، صَارَتْ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً بِحَسَبِ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ تَخْرُجْ عَنِ الْعَرَبِيَّةِ. غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَقَائِقَ لُغَوِيَّةً.
وَأَمَّا مَنْعُ انْتِفَاءِ التَّالِي فَبِأَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا الْمُلَازَمَةَ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ كَوْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَرَبِيَّةً.
قَوْلُهُمْ: وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا. وَهُوَ بَاطِلٌ. قُلْنَا: إِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا، فَمَمْنُوعٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلًا عَلَى أَلْفَاظٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ كَوْنُ جَمِيعِهَا كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ عَرَبِيًّا، فَمُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ بُطْلَانَ التَّالِي.
وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ ; لِأَنَّ ضَمِيرَ " أَنْزَلْنَاهُ " رَاجِعٌ إِلَى السُّورَةِ بِتَقْدِيرِ بَعْضِ الْقُرْآنِ. فَإِنْ قِيلَ: السُّورَةُ الْوَاحِدَةُ بَعْضُ الْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ اسْمُ جِنْسٍ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلِ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ لِلْإِعْجَازِ، فَيَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْبَعْضِ وَالْمَجْمُوعِ، " كَالْمَاءِ " وَ" الْعَسَلِ " فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

1 / 224