البحر المحيط في أصول الفقه

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
81

البحر المحيط في أصول الفقه

الناشر

دار الكتبي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

القاهرة

[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ إمَّا قَدِيمٌ وَإِمَّا حَادِثٌ] ٌ] . الْعِلْمُ إمَّا قَدِيمٌ فَلَا يُوصَفُ بِنَظَرٍ وَلَا ضَرُورَةٍ لِتَعَالِي اللَّهِ عَنْ الضَّرُورَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَى النَّظَرِ، وَهُوَ وَاحِدٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَعْلُومَاتِ عَلَى حَقَائِقِهَا تَعَلُّقًا سَابِقًا لَهُ حُكْمُ الْإِحَاطَةِ بِمَعْلُومَاتِهِ، لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهَا، إذْ لَيْسَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ارْتِسَامِ صُوَرِهَا وَلَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِهَا وَلَا يُوصَفُ بِالْكَسْبِ وَلَا بِالضَّرُورَةِ، بَلْ عِلْمٌ حُضُورِيٌّ وَوَاجِبِيٌّ ذَاتِيٌّ. قَالَ صَاحِبُ التَّلْوِيحَاتِ " كُنْت مُتَفَكِّرًا فِي الْعِلْمِ الْقَدِيمِ، وَكَيْفَ صُورَةُ تَعَلُّقِهِ بِالْمَعْلُومَاتِ؟ . فَأَخَذَتْنِي سِنَةٌ مِنْ نَوْمٍ، فَخَطَرَ لِي شَيْخٌ لَهُ أُبَّهَةٌ جَمِيلَةٌ، فَعَرَضْت عَلَيْهِ مَا أَنَا فِيهِ مُفَكِّرًا. فَقَالَ لِي: أَتَعْقِلُ ذَاتَك؟ فَقُلْت لَهُ نَعَمْ، فَقَالَ: تَعَقُّلُك بِاكْتِسَابِ صُورَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ ذَاتِك؟ فَقُلْت لَهُ: لَا، فَقَالَ هَذَا حَلُّ مَا أَنْتَ فِيهِ مُفَكِّرٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَذَا التَّعَقُّلُ الْوَاجِبِيُّ الْحُضُورِيُّ الذَّاتِيُّ، ثُمَّ تَرَكَنِي وَانْصَرَفَ. فَيَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى تِلْكَ السِّنَةِ. [" الْعِلْمُ الْحَادِثُ "] وَإِمَّا حَادِثٌ، وَيَنْقَسِمُ إلَى ضَرُورِيٍّ وَإِلَى نَظَرِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَفَى مُجَرَّدُ تَصَوُّرِ طَرَفَيْ الْقَضِيَّةِ فِي الْجَزْمِ بِهِ فَضَرُورِيٌّ، وَإِلَّا فَنَظَرِيٌّ، وَلَا خِلَافَ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ " فِي انْقِسَامِ التَّصْدِيقِ إلَيْهِمَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي التَّصَوُّرِ،

1 / 83