البحر المحيط في أصول الفقه

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
76

البحر المحيط في أصول الفقه

الناشر

دار الكتبي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

القاهرة

وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: إثْبَاتُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الْأَحْسَنُ أَنَّهُ إدْرَاكُ الْعُلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ. وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ ": إنَّهُ مَعْرِفَةُ الْعُلُومِ فَيَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ، وَلَا نَظَرَ إلَى الِاشْتِقَاقِ حَتَّى يَلْزَمَ الدَّوْرُ. قَالَ: وَلَوْ قُلْت: مَا يُعْلَمُ بِهِ الْعُلُومُ لَكَانَ أَسَدَّ وَقَدْ أَوْمَأَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ إلَى أَنَّهُ مَا أَوْجَبَ لِمَحَلِّهِ الِاتِّصَافَ بِكَوْنِهِ عَالِمًا، وَقِيلَ: تَبَيُّنُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَعْرِفَةُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِعِلْمِ اللَّهِ: مَعْرِفَةٌ. وَلَا يُقَالُ لَهُ: عَارِفٌ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ " شَرْحِ تَرْتِيبِ الْمُذْهَبِ " إجْمَاعَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُسَمَّى عَارِفًا، وَدُفِعَ الِاسْتِدْلَال بِحَدِيثِ: «تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْك فِي الشِّدَّةِ» بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ. وَنَقَلَ الْمُقْتَرِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ " عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ سُمِّيَ عِلْمُ اللَّهِ مَعْرِفَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ ضَعَّفَهُ بِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يُسَقْ لِبَيَانِ الْعِلْمِ، وَلَا أُطْلِقَ لَفْظُ الْمَعْرِفَةِ هَاهُنَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ ثَمَرَةَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْإِقْبَالُ فِي الْإِلْطَافِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى الْبَارِي عَارِفًا. انْتَهَى. وَقِيلَ الْمُرَادُ: الْمُجَازَاةُ. وَخُرِّجَ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْفَارِضِ: قَلْبِي يُحَدِّثُنِي بِأَنَّك مُتْلِفِي ... رُوحِي فِدَاك عَرَفْت أَمْ لَمْ تَعْرِفْ.

1 / 78