البحر المحيط في أصول الفقه
الناشر
دار الكتبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
القاهرة
هَذَا النَّقِيضِ بَدَلًا عَنْ النَّقِيضِ الْآخَرِ، وَبِالْعَكْسِ. وَالظَّانُّ حَاكِمٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُ الْوَهْمِ، وَحُكْمُهُ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ يَكُونُ مَرْجُوحًا، فَظَهَرَ أَنَّ الشَّاكَّ حَاكِمٌ، وَكَذَلِكَ الْوَاهِمُ. نَعَمْ جَعْلُهُمْ التَّقْلِيدَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ لَا لِمُوجِبٍ لَا يَعُمُّ أَنْوَاعَ التَّقْلِيدِ، بَلْ يَخُصُّ الصَّحِيحَ مِنْهُ، وَجَعْلُهُمْ الْجَهْلَ هُوَ الْحُكْمَ الْجَازِمَ مِنْ غَيْرِ مُطَابَقَةٍ لَا يَعُمُّ أَنْوَاعَ الْجَهْلِ بَلْ يَخُصُّ الْمُرَكَّبَ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْجَهْلُ الْبَسِيطُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ، وَسَمَّى الدَّارِمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْوَهْمَ تَجْوِيزًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ الشَّكُّ وَالظَّنُّ مُتَرَادِفَانِ. .
قُلْت: وَهَذَا إنَّمَا قَالُوهُ فِي الْأَحْدَاثِ لَا مُطْلَقًا. أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ؟ . يُرِيدُونَ التَّسَاوِيَ أَوْ الْمَرْجُوحَ، وَإِلَّا فَهُوَ يَقَعُ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَمَنْ قَالَ بِهَذَا يُسَمِّي الرَّاجِحَ غَالِبَ الظَّنِّ، ثُمَّ رُجِّحَ أَنَّ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ هُوَ الشَّكُّ، وَالرَّاجِحُ ظَنٌّ، وَالزَّائِدُ فِي الرُّجْحَانِ غَالِبُ الظَّنِّ.
1 / 74