البحر المحيط في أصول الفقه
الناشر
دار الكتبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
القاهرة
لَهُ صُورَةٌ فِي الْقَلْبِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ (تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ) . وَقَالَ بَعْضُ الْأَذْكِيَاءِ: الْفِكْرُ مَقْلُوبُ الْفَرْكِ غَيْرَ أَنَّ الْفِكْرَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْمَعَانِي. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ الْمُعْتَمَدِ الْكَبِيرِ ": النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ مَعْنًى غَيْرُ الْفِكْرِ وَالرَّوِيَّةِ، بَلْ يُوجَدُ عَقِبَهُ. خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يُفَكِّرُ أَوَّلًا فِي الْجِسْمِ. هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ؟ وَمَا دَامَ مُفَكِّرًا فَهُوَ شَاكٌّ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدَّلِيلِ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ وَالْفِكْرُ مُتَغَايِرَيْنِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ ": وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجِدَالِ وَالنَّظَرِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّظَرَ: طَلَبُ الصَّوَابِ، وَالْجِدَالَ: نُصْرَةُ الْقَوْلِ. وَالثَّانِي: النَّظَرُ: الْفِكْرُ بِالْقَلْبِ وَالْعَقْلِ، وَالْجِدَالُ: الِاحْتِجَاجُ بِاللِّسَانِ
، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[أَقْسَامُ النَّظَرِ]
مَسْأَلَةٌ
[أَقْسَامُ النَّظَرِ] وَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ: لِأَنَّهُ إمَّا جَازِمٌ أَوْ لَا. وَكُلُّ وَاحِدٍ إمَّا مُطَابِقٌ أَوْ لَا، وَإِنْ شِئْت قُلْت: إمَّا صَحِيحٌ أَوْ فَاسِدٌ: وَكُلُّ وَاحِدٍ إمَّا جَازِمٌ أَوْ غَيْرُ جَازِمٍ، فَالنَّظَرُ الصَّحِيحُ: هُوَ النَّظَرُ الْمُطَابِقُ. وَالْفَاسِدُ. هُوَ الَّذِي لَمْ يُفِدْ الْمَطْلُوبَ
1 / 63