البحر المحيط في أصول الفقه
الناشر
دار الكتبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
القاهرة
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَوْلَى مَا صُرِفَتْ الْهِمَمُ إلَى تَمْهِيدِهِ، وَأَحْرَى مَا عُنِيَتْ بِتَسْدِيدِ قَوَاعِدِهِ وَتَشْيِيدِهِ، الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ الدِّينِ، وَالْمَرْقَى إلَى دَرَجَاتِ الْمُتَّقِينَ. وَكَانَ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ جَوَادَهُ الَّذِي لَا يُلْحَقُ، وَحَبْلَهُ الْمَتِينَ الَّذِي هُوَ أَقْوَى وَأَوْثَقُ، فَإِنَّهُ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ، وَأَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ كُلُّ فَرْعٍ. وَقَدْ أَشَارَ الْمُصْطَفَى ﷺ فِي جَوَامِعِ كَلِمِهِ إلَيْهِ، وَنَبَّهَ أَرْبَابُ اللِّسَانِ عَلَيْهِ، فَصَدَرَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْهُ جُمْلَةٌ سَنِيَّةٌ، وَرُمُوزٌ خَفِيَّةٌ، حَتَّى جَاءَ الْإِمَامُ الْمُجْتَهِدُ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ﵁ فَاهْتَدَى بِمَنَارِهِ، وَمَشَى إلَى ضَوْءِ نَارِهِ، فَشَمَّرَ عَنْ سَاعِدِ الِاجْتِهَادِ، وَجَاهَدَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْغَرَضِ السَّنِيِّ حَقَّ الْجِهَادِ، وَأَظْهَرَ دَفَائِنَهُ وَكُنُوزَهُ وَأَوْضَحَ إشَارَاتِهِ وَرُمُوزَهُ،
1 / 4