من شاتم النّاس رموه بما ... لم يك يعتدّه في الحساب
كأنه أخذه من قول كعب بن زهير:
ومن دعا الناس إلى ذمّه ... ذموه بالحقّ والباطل
وقال آخر:
ولست مشاتمًا أحدًا لأّبى ... رأيت الشّتم من عىّ الرّجال
إذا جعل اللئيم أباه نصبًا ... لشاتمه فديت أبى بمالى
وقال آخر:
وتجزع نفس المرء من شتم مرّة ... ويشتم ألفًا بعد ذاك فيصبر
وقال آخر:
لعمرك ما سبّ الأمير عدوّه ... ولكنّما سبّ الأمير المبلّغ
وقال آخر:
من يخبّرك بشتم عن أخٍ ... فهو الشّاتم لا من شتمك
ذاك شتم لم يواجهك به ... إنّما اللّوم على من أعلمك
وقال آخر:
أبا حسنٍ يكفيك ما فيك شاتمًا ... لعرضك من شتم الرّجال ومن شتمى
وقال آخر:
وما يقى عنك قومًا أنت خائفهم ... كمثل دفعك جهّالًا بجهّال
فاقعس إذا حدبوا واحدب إذا قعسوا ... ووازن الشّرّ مثقالًا بمثقال
وقال آخر:
ثالبنى عمرو وثالبته ... فقد أثم المثلوب والثّالب
قلت له خيرًا فقال الخنا ... كلّ على صاحبه كاذب
باب الكبر والعجب والتّيه
قال رسول الله ﷺ، حاكيًا عن الله ﷿: " الكبرياء ردائي، والعظمة إزارى، فمن نازعنى واحدًا منهما أدخلته النار ".
وقال رسول الله ﷺ: " لا ينظر الله ﷿ إلى من جرّ ثوبه خيلاء، وفي حديث آخر: لاينظر الله ﷿ إلى من جرّ ثوبه بطرا ".
قال رسول الله ﷺ: إنما الكبر أن يسفّه الحقّ، ويغّمض النّاس.
قال محمّد بن علىّ بن حسين: ياعجبًا من المختال الفخور الذي خلق من نطفه، ثم يصير جيفة ثم لا يدرى بعد ذلك ما يفعل به.
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلى: سمعت أحمد بن يوسف، وذكر رجلا كان يذهب بنفسه في التيه، فقال: يتيه فلان، وما عنده فائدة ولا عائده ولا رأى جميل.
قال الشاعر:
يامظهر الكبر إعجابًا بصورته ... أبصر خلاءك إنّ المين تثريب
لو فكر النّاس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبّانٌ ولا شيب
قيل لعيسى ﵇: طوبى لبطن حملك، فقال: طوبى لمن علمه الله كتابه، ولم يكن جبارًا.
قال رسول الله ﷺ: " لا يزال الرّجل يذهب بنفسه في التّيه حتى يكتب في الجبّارين، فيصيبه ما أصابهم ".
قال مالك بن دينار: كيف يتيه من أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك حاملٌ عذرة.
أخذه أبو العتاهية فقال:
ما بال من أوّله نطفةٌ ... وجيفة آخره يفخر
أصبح لا يملك تقديم ما ... يرجو ولا تأخير ما يحذر
وأصبح الأمر إلى غيره ... في كل ما يقضى وما يقدر
وقال منصور الفقه:
تتيه وجسمك من نطفة ... وأنت وعاءٌ لما تعلم
وله أيضًا:
قولوا لزوّار الكنف ... والمنشئين من نطف
يا جيفًا من الجيف ... ما لكم وللصّلف
كان يقال: لولا ثلاثٌ سلم النّاس: شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه.
قال جعفر بن محمد: علم الله ﷿ أن الذنب خير للمؤمن من العجب، ولولا ذلك ما ابتلى مؤمن بذنب.
قال بلال بن سعيد: إذا رأيت الرجل لجوجًا مماريًا فقد تمت خسارته.
قال بعض الحكماء: البلية التي لا يؤجر عليها المبتلى بها: العجب، والنعمة التي لا يحسد عليها: التواضع.
كان يقال: لاشئ أكلم للمحاسن من العجب والتيه قال نصر بن أحمد:
ومن أمن الآفات عجبًا برأيه ... آحاطت به الآفات من حيث يجهل
وقال منصور الفقيه:
لاتحلقنّ بتيّاه فتحمله ... على التّزيّد مما يسخط الله
واهجره لله لا للنّاس مبتغيًا ... ثواب ربّك في هجران من تاها
وقال آخر:
إن عيسى أنف أنفه ... أنفه ضعفٌ لضعفه
لو تراه راكبًا والتّيه ... قد مال بعطفه
1 / 95