( البحث) طلب باجتهاد؛ أي يلزم طلب العلم الواجب لزوما حتميا على من قدر عليه، ومن تركه مع القدرة على طلبه فهو آثم هالك إلا أن يتوب، وحد القدرة في هذا أن يجد من يعلمه علم ذلك وإن بعد هذا المعلم لزمه أن يرحل اليه فيتعلم منه ما لزمه علمه؛ ولايلزم المسير اليه الا اذا كان صحيحا واجدا للراحلة والأمان في الطريق وواجدا للقوت الذي يتركه لمن يلزمه عوله إلى أن يرجع إليهم، فقوله (يرى) أي يجد له، وقوله: (معبرا) أي من يعبر له علمه بعبارة يعقلها والا فلا يلزمه. وقوله: (وان نأى) أي بعد ذلك المعبر عن بلده. وقوله: (يمضي له) أي يرحل اليه. وقوله: (في الصح) بضم الصاد اسم بمعنى الصحة. وقوله: (مع وجدان) مصدر وجد. وقوله: (ما يحمله) أي مع وجوده الذي يحمله اليه وهو المركوب؛ وذلك اذا لم يستطع المشي اليه. وقوله: (ومأمن) مصدر أمن بمعنى الأمان. وقوله: (مع قوت من يكفله) أي مع وجدانه قوتا يتركه لمن يكفله أي لمن يلزمه عوله، فهذه خمسة شروط وهي: وجود المعبر، والصحة، والمركوب اذا لم يستطع المشي، والأمان، وقوت العيال، وترك شرطا سادسا وهو الزاد المبلغ إلا أنه تنطوي عليه عبارته بالمأمن، فان ترك الزاد مخوف. وهذا الذي ذكره الناظم مما تقوم فيه الحجة بالسماع، وأما الذي تقوم عليه فيه الحجة من العقل فغير منفس لأحد فيه بالسؤال بعد خطور البال كما سيأتي ان شاء الله في موضعه.
صفحة ٥٨