121

بهجة الأنوار

تصانيف

و(الفضل) اعطاء بغير وجوب ولا ايجاب، والمعنى أن حكم الجملة من جهة التكليف بها كحكم غيرها من سائر العبادات لا يلزم إعتقادها إلا بعد قيام الحجة بها، والدليل على ذلك أنه عظم شأنه لم يكلف العباد بغير حجة وهو دليل صادق لقوله تعالى: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } الإسراء : 15 وإذا ثبت ما قررناه من أنه عزوجل لم يكلف العباد بغير حجة؛ وكان الزام الجملة من جملة التكليفات وجب أن لا تلزم إلا بعد قيام الحجة إذ لم يقم دليل على تخصيص التكليف بها بحكم يخالف التكليف بما عداها فتساوى حكم الله في التكليف، فالجملة وغيرها في التكليف سواء، وتكليفه عزوجل إيانا بعد قيام الحجة فضل منه تعالى تفضل به علينا، ولو شاء أن يكلفنا بغير حجة ولا برهان كان ذلك عدلا منه، كما كان التكليف بعد قيام الحجة فضلا، خلافا للمعتزلة(_( ) المعتزلة أحد المذاهب الإسلامية التي نشأت في نهاية القرن الأول ومطلع القرن الثاني للهجرة الشريفة وهو مذهب يعالج قضايا العقيدة مع ميل بارز للعقل على حساب النصوص في بعض الأحيان وكان لهذا المذهب ظهور ذائع الصيت في العهد العباسي حيث تبناه بعض ملوك تلك الفترة من أمثال المأمون (ت218ه) وهو الذي نشطت في عهده فكرة القول بأن القرآن مخلوق واستعرض لأجلها الناس وألزمهم بهذا القول حتى أنه أساء إلى طائفة من علماء الأمة آنذاك ولو لم يفعل ما فعل لكان خيرا، واستمرت تلك العادة في عهد المعتصم (ت227ه) وغلا فيها الواثق (ت 232ه) حتى جاء المتوكل (ت247ه) فغير المسار المتبع وكان ملكه نكسة للمعتزلة. أما في عهد المأمون والمعتصم والواثق كان رجالات المعتزلة يتمتعون بحصانة سياسية وكانوا يستغلون الفرصة للنيل من مخالفيهم الذين عرفوا بالفقهاء.

صفحة ١٥٢