البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
محقق
د .أحمد زكريا الشلق
الناشر
دارالكتب والوثائق القومية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
1426هـ /2005 م
مكان النشر
القاهرة / مصر
وكان من المحرضين على هذه الثورة الشيخ قاسم حاكم مدينة ( نابلس ) وهو | من عائلة شريفة شهيرة بقدمها وعراقتها في النسب ، ومن مآثر المرحوم إبراهيم | باشا أنه بذل له ولأولاده جزيل نعمه وولي أكبرهم مدينة ( حبرون ) ليستميل إليه | هذه العائلة المسموعة الكلمة في سائر أكناف المدينة وضواحيها ، لكن هذا | الشيخ أنكر الجميل وكان أول مناد بالعصيان وأول محرض على الثورة فلبي | نداءه سكان الجبال المجاورة الذين لا يودون أن يكونوا تابعين لأي حاكم ولو | كان أعدل الحكام وكذلك عائلة من يسمى ( أباغوش ) النازلة في الأودية الواقعة | بين أوريشلم ويافا فإنها رفعت راية العصيان وقطعت الطريق بين المدينتين | بإحتلالها كل مسالك الجبال ومضايقها ، لكن ربما يلتمس لهذه العائلة عذر لأنها | لم تجد ما وجده الشيخ قاسم وأولاده من إبراهيم باشا من حسن المعاملة | وإسدال النعم والعطايا الجمة فضلا عن الحجر على رئيسها بمدينة عكا لما اقترفه | من سوء معاملة الحجاج وعدم السماح لهم بالمرور من أرضه ما لم يعطوه جعلا | معلوما مع تنبيه إبراهيم باشا عليه بإبطال هذه العادة فهاجمت عائلة ( أبي غوش ) | وأعوانها النقط المصرية المعينة لحفظ الطريق من قطاع الطرق . ولما كانت حامية | هذه النقط غير كافية لمنع تعدي مثل هؤلاء الطغاة قفلت راجعة إلى مدينة يافا | بعد أن دافعت دفاع الأبطال وقامت مقاومة الأسود في الجبال وكذلك حامية | أوريشلم ما لم تستطع إيقاف حركة العصيان ولا إطفاء لهبها المستعر تركت خطة | الهجوم وتحصنت في قلعة المدينة حتى يأتيها المدد . | | فلما بلغ إبراهيم باشا هذه الأخبار المكدرة للبال المهيجة للبلبال المزعجة | لأبطال الرجال أرسل في الحال ألايا من الفرسان لكج جماح الثائرين لكنه لم | يقدر على مقاومة قبيلة ( أبي غوش ) المحتلة للطريق الموصلة بين ( يافا ) | و ( أوريشلم ) فبعد أن قتل في القتال قائد هذه الفرقة والسواد الأعظم من رجالها | عاد الباقون إلى يافا في حالة لو شاهدها العدو لرثى لها | فلما رأى ذلك إبراهيم باشا هم في الحال وتوجه بنفسه ومعه العدد الكافي | من الجند لمنع تجمع الثائرين في مدينة ( نابلس ) حيث استدعاهم الشيخ قاسم | للإجتماع للمفاوضة في تدبير ما يلزم لنجاح مشروعهم وأرسل أيضا إلى مشايخ | القبائل يخبرهم بأن الشيخ قاسم لم يقصد التخلص من الإدارة المصرية العادلة إلا | ليستعبدهم وبسومهم سوء العذاب .
صفحة ١٥٦