[الدليل على وجود الله] وقد دل على أنه تعالى موجود حي عالم قادر قوي سميع بصير حكيم مدبر عليم: العقل؛ لأنه لا بد لكل فعل محكم من فاعل مختار حي عالم قادر قوي سميع بصير حكيم عليم؛ إذ لا تأثير للعدم ولا للميت ولا للحي العاجز ولا تأثير في الإحكام لغير العالم، وقد وجدنا بالمشاهدة أن أفعال الله تعالى موجودة في غاية الإحكام؛ الزائد على كل صناعة من صناعة غيره تعالى المشاهدة، وعرفنا بطريق المشاهدة أن الجاهل القادر غير السميع البصير الحكيم المدبر العليم لا تصدر عنه من فعله الأشياء المصنوعة المحكمة، وثبت بالسمع وهو دليل على الله تعالى قاطع أن الله تعالى لا يشبه الأشياء، وأنه شيء موجود حي.
وذلك قوله تعالى [ ] {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى:11] أي : ليس مثله تعالى شئ من الأجسام والأعراض، و(الكاف) صلة تزيدها العرب في لغتها؛ والقرآن نزل باللغة العربية، وعند بعض العلماء أن (الكاف) كناية وهو حسن، وهو (السميع العليم) بجميع الأشياء (البصير) أي: العليم الحكيم بجميع ما خلق؛ فلا يعسر عليه شئ من أمورهم ولا يعييه شئ، ولا يلتبس عليه ما يلتبس على المخلوق الضعيف وقال تعالى مخبرا من أنه شئ موجود[ ]{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم}[الأنعام:19] فسمى تعالى [3أ] نفسه شيئا وسمى، نفسه شهيدا حاضرا حضور مشاهدة، عالم لكل ما يصدر من القوم من تكذيب رسوله -صلى الله عليه سلم.
صفحة ٩