بسم الله الرحمن الرحيم {قل هو الله أحد} أي :الله الواحد وجوده، الذي ليس لأزليته حد فيه (أحد)، المنفرد بصفات الكمال، ليس معه إله يشاركه، وليس إله غيره؛ وإنما وضعنا هذا الكتاب في أصول الدين من القرآن لأن القرآن دليل على خالقه تعالى كالسماء والأرض وما بينهما؛ لأنه كلام لا يقدر عليه جميع المخلوقين، ولا بد لكل كلام من متكلم يحدثه إذ لا تأثير للعدم وإلا لو كان للعدم تأثير لكان الكلام موجودا حدوثه في كل وقت، فلما علم عجز المخلوقين عن التكلم بمثله، وثبت أنه لا تأثير للعدم عند جميع العقلاء علمنا أنه لا بد للقرآن من محدث غير المخلوقين وغير العدم؛ وليس غيرهما إلا الله تعالى فصح الاستدلال بالقرآن على وجود الله تعالى [2أ] كدلالة غيره، وإذا صح وجب وجاز أن يعرف الله تعالى، ويوصف ويسمى بما سمي ووصف نفسه به في القرآن {الله الصمد} أي: السيد المصمود المقصود لكل حاجة دينيه ودنياوية فيدخل في ذلك جميع ما يحتاج إليه العالم المكلفون من تفضيل الشكر الذي قضى بوجوبه عليهم عقولهم، فيدخل في ذلك -أي في قضاء حوائجهم- إرسال الرسل والأنبياء- صلوات الله عليهم- وتعيين الأوصياء من بعدهم، والأئمة ومنصبهم وصفاتهم من يعين باسمه سيما وصي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة بعده، ومن هو من الخلق حجة وعلامة للنجاة إلى آخر التكليف بعده صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لا نبي بعده يوحى إليه بشريعة جديدة.
صفحة ٥