قال الإمام أحمد بن عيسى (1) وأخبرني حاض بن إبراهيم أن سليمان بن جرير وهشام بن الحكم اجتمعا في بيت خاص فثبت هشام التشبيه والحدود لله تعالى -جل وعز- ونفى سليمان حتى قال له سليمان: ذكر هو أو أنثى؟ قال: ذكر. فسأله عن صفات الذكر فجبن هشام فسكت ولم يجب قال الإمام نجم آل رسول الله القاسم بن إبراهيم -عليهما السلام: {وكيف يكون بالله موقنا أو عند الله مؤمنا من نسب الله سبحانه بصورة آدم بما فيه من صورة الشعر واللحم والدم وهم أصحاب هشام وسالم؟ أم كيف يكون مؤمنا من يقول بقول ابن الحكم (2) وهو يقول: أن الله تعالى نور من الأنوار وأنه -سبحانه- جثة مسدسة المقدار يعلم بالحركات ويخفى في الأماكن، وينتقل وتبدو له البدوات، وتخلو منه السماوات، لأنهم يزعمون أنه على العرش دون ما سواه، وأنه تعالى لا يبصر ما حجبت سبحته الحجب ولا يراه ولا يدنو لما يدنو له من الأشياء بالمشاهدة، وينأ عما نأ عنه بالمباعدة، والله سبحانه وتعالى يقول فيما وصف به نفسه لعباده: [ ] {والله على كل شيء شهيد}(3) وقال: [ ] {إن الله على كل شيء شهيد}(4) وقال : [ ] {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}(5) وقال سبحانه:[ ] {وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون}(6) مع ما بين سبحانه في غير هذا من بعده عن شبه الأشياء من النور[9ب] وغيره من قوله تعالى:[ ] {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(1)، وقوله تعالى: [ ] {ليس كمثله شئ وهو السميع البصير}(2) وقوله تعالى:[ ] {ولم يكن له كفوا أحد}(3)والكفؤ المثل والند؛ فلو كان -سبحانه- كما ذكر هشام (4) وأصحابه نورا وجسما أو كما قال ابن سالم (5) لحما ودما لكانت أكفاؤه كثيرة، لأن الأنوار في نوريتها متكافئة، والأجسام في جسميتها متساوية، وكذلك تكافؤ اللحم والدم تكافؤ الجسمية، ولو كان كما قال أصحاب النور(6) نورا محسوسا لكانت له ظلمة ضدا ملموسا، ولو كان ذلك كذلك لوقع بينهما ما يقع بين الأضداد من التغالب والفساد، فسبحان من ليس له ند يكافيه ولا ضد يناويه، وقال الحسن بن يحيى(7) {أجمع علماء آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على نفي التشبيه عن الله سبحانه وأنه الواحد الذي ليس كمثله شيء ولا تدركه الأبصار تعالى عن الصفات التي تفيد النقص، والأشباه والأنداد والنظراء.
صفحة ٣٦