بذل النظر في الأصول

العلاء الأسمندي ت. 552 هجري
48

بذل النظر في الأصول

محقق

الدكتور محمد زكي عبد البر

الناشر

مكتبة التراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

فإن قائلًا لو قال: "آمر" لا يدري السامع أي هذه الأمور أراد، كما إذا قال: "أدرك" لا يدري السامع أنه أراد به اللحوق أو الرؤية. فإذا قال: "آمر بكذا" يفهم منه القول المخصوص. وإذا قال: "أمر فلان مستقيم" يفهم منه شئونه وطرائقه. وإذا قيل "جاءني زيد لأمر من الأمور" يفهم منه شيء من الأشياء. وإذا كان مستعملًا في هذه الأشياء الثلاثة [فـ] لا يُحمل على واحد منها إلا بدليل. ثم الدليل على أن اسم الأمر لا يقع على الفعل حقيقة- أنه: لو كان يقع عليه حقيقة لا طرد فيه، فيسمى كل فعل به: فيسمى الأكل أمرًا، والشرب أمرًا، وليس كذلك. وكان يجب أن لا يصح نفيه عنه. والأمر بخلافه. وأنه يصح أن يقال في كل فعل "فعل هذا الفعل وما أمر". فإن قيل: أليس أنه يقال للأكل الكثير "هذا أمر عظيم"، وهذا إطلاق اسم الأمر على الفعل- قلنا: إنما قيل ذلك لا باعتبار أنه فعل، بل باعتبار أنه شيء- يعني "هذا شيء عظيم". وقد ذكرنا أن اسم الأمر حقيقة في الشيء- ألا ترى أنه لا يقال ذلك في الأكل القليل مع أنه فعل.

1 / 52