94

بدائع الفوائد

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الحديث
البسائط واحتج الخليل بقول جابر الأنصاري وهو من شعراء الجاهلية فإن أمسك فإن العيش حلو ... إلي كأنه عسل مشوب يرجى المرء مالا أن يلاقي ... ويعرض دون أدناه الخطوب فإذا ثبت ذلك فمعناها نفي الإمكان ب لن كما تقدم وكان ينبغي أن تكون جازمة ك لم لأنها حرف نفي مختص بالفعل فوجب أن يكون عمله الجزم الذي هو نفي الحركة وانقطاع الصوت ليتطابق اللفظ والمعنى وقد فعل ذلك بعض العرب فجزم بها حين لحظ هذا الأسلوب النفي ولكن أكثرهم ينصب بها مراعاة ل أن المركبة فيها مع لا إذ هي من جهة الفعل وأقرب إلى لفظه فهي أحق بالمراعاة من معنى النفي فرب نفي لا يجزم الأفعال وذلك إذا لم يختص بها دون الأسماء والنفي في هذا الحرف إنما جاءه من قبل لا وهي غير عاملة لعدم اختصاصها فلذلك كان النصب بها أولى من الجزم على أنها قد ضارعت لم لتقارب المعنى واللفظ حتى قدم عليها معمول فعلها فقالوا زيدا لن أضرب كما قالوا: زيدا لم أضرب ومن خواصها تخليصها الفعل للاستقبال بعد أن كان محتملا للحال فأغنت عن السين وسوف وجل هذه النواصب تخلص الفعل للاستقبال ومن خواصها أنها تنفي ما قرب ولا يمتد معنى النفي فيها كامتداد معنى النفي في حرف لا إذا قلت: لا يقوم زيد أبدا وقد قدمنا أن الألفاظ مشاكلة للمعاني التي أرواحها يتفرس الفطن فيها حقيقة المعنى بطبعه وحسه كما يتعرف الصادق الفراسة صفات الأرواح في الأجساد من قوالبها بفطنته وقلت يوما لشيخنا أبي العباس بن تيمية قدس الله روحه قال ابن جني: مكثت برهة إذا ورد علي لفظ آخذ معناه من نفس حروفه وصفاتها وجرسه وكيفية تركيبه ثم أكشفه فإذا هو كما ظننته أو قريبا منه فقال لي ﵀: وهذا كثيرا ما يقع لي وتأمل حرف لا كيف تجدها لاما بعدها

1 / 95