56

بدائع الفوائد

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الحديث
بنا فثبت الذنب وثبت البقاء وكذلك نفيه الأقسام الأربعة يفهم على هذا الوجه وإذا عرف هذا فاللازم الواحد قد يلزم ملزومات متعددة كالحيوانية اللازمة للإنسان والفرس وغيرهما فيقصد المتكلم إثبات الملازمة بين بعض تلك الملزومات واللازم على تقدير انتفاء البعض الآخر فيكون مقصوده أن الملازمة حاصلة على تقدير انتفاء ذلك الملزوم الآخر فلا يتوهم المتوهم انتفاء اللازم عند نفي ملزوم معين فإن الملازمة حاصلة بدونه وعلى هذا يخرجه لو لم يخف الله لم يعصه ولو لم تكن ربيبتي لما حلت لي فإن عدم المعصية له ملزومات فهي الخشية والمحبة والإجلاء فلو انتفى بعضها وهو الخوف مثلا لم يبطل اللازم لأن له ملزومات أخرى غيره وكذلك لو انتفى كون البنت ربيبة لما انتفى التحريم لحصول الملازمة بينه وبين وصف آخر وهو الرضاع وذلك الوصف ثابت وهذا القسم إنما يأتي في لازم له ملزومات متعددة فيقصد المتكلم تحقق الملازمة على تقدير نفي ما نفاه منها وأما قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ﴾ فإن الآية سيقت لبيان أن أشجار الأرض لو كانت أقلاما والبحار مدادا فكتبت بها كلمات الله لنفدت البحار والأقلام ولم تنفد كلمات الله فالآية سيقت لبيان الملازمة بين عدم نفاد كلماته وبين كون الأشجار أقلاما والبحار مدادا يكتب بها فإذا كانت الملازمة ثابتة على هذا التقدير الذي هو أبلغ تقدير يكون في نفاد المكتوب فثبوتها على غيره من التقادير أولى ونوضح هذا بضرب مثل يرتقى منه إلى فهم مقصود الآية إذا قلت لرجل لا يعطي أحدا شيئا لو أن لك الدنيا بأسرها ما أعطيت أحدا منها شيئا فإنك إذا قصدت أن عدم إعطائه ثابت على أعظم التقادير التي تقتضي الإعطاء فلازمت بين عدم إعطائه أسباب الإعطاء وهو كثرة ما يملكه فدل هذا على أن عدم إعطائه ثابت على ما هو دون هذا التقدير وأن عدم الإعطاء لازم لكل تقدير فافهم نظير هذا المعنى في الآية وهو عدم

1 / 57