45

بدائع الفوائد

الناشر

دار الكتاب العربي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الحديث
فهذا يقتضي الاستقبال وتارة يكون مقصودة ومضمنة جواب سائل هل وقع كذا أو رد قوله قد وقع كذا فإذا علق الجواب هنا على شرط لم يلزم أن يكون مستقبلا لا لفظا ولا معنى بل لا يصح فيه الاستقبال بحال كمن يقول لرجل هل أعتقت عبدك فيقول إن كنت قد أعتقته فقد أعتقه الله فما للاستقبال هنا معنى قط وكذلك إذا قلته لمن قال صحبت فلانا فيقول إن كنت صحبته فقد أصبت بصحبته خيرا وكذلك إذا قلت له هل أذنبت فيقول إن كنت قد أذنبت فإني قد تبت إلى الله واستغفرته وكذلك إذا قال هل قلت لفلان كذا وهو يعلم أنه علم بقوله له فيقول إن قلته فقد علمته فقد عرفت أن هذه المواضع كلها مواضع ماض لفظا ومعنى ليطابق السؤال الجواب ويصح التعليق الخبري لا الوعدي فالتعليق الوعدي يستلزم الاستقبال وأما التعليق الخبري فلا يستلزمه ومن هذا الباب قوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وتقول إن كانت البينة شهدت بكذا وكذا فقد صدقت وهذه دقيقة خلت منها كتب النحاة والفضلاء وهي كما ترى وضوحا وبرهانا ولله الحمد المسألة الثالثة: المشهور عند النحاة والأصوليين والفقهاء أن أداة إن لا يعلق عليها إلا محتمل الوجود والعدم كقولك إن تأتني أكرمك ولا يعلق عليها محقق الوجود فلا تقول إن طلعت الشمس أتيتك بل تقول إذا طلعت الشمس أتيتك وإذا يعلق عليها النوعان واستشكل هذا بعض الأصوليين فقال قد وردت إن في القرآن في معلوم الوقوع قطعا كقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ وهو سبحانه يعلم أن الكفار في ريب منهم وقوله ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّار﴾ ومعلوم قطعا انتفاء فعلهم وأجاب عن هذا بأن قال إن الخصائص الإلهية لا تدخل في الأوضاع العربية بل الأوضاع العربية مبنية على خصائص الخلق والله تعالى أنزل القرآن بلغة العرب وعلى منوالهم فكل ما كان في عادة العرب حسنا أنزل القرآن على ذلك

1 / 46