الباعث على إنكار البدع والحوادث
محقق
عثمان أحمد عنبر
الناشر
دار الهدى
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٩٨ - ١٩٧٨
مكان النشر
القاهرة
عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ يَا أَبَا الدَّرْدَاء لَا تخصن يَوْم الْجُمُعَة بصيام دون الْأَيَّام وَلَا تخصن لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام دون اللَّيَالِي
قلت فَحصل من مَجْمُوع ذَلِك ان ابْن سِيرِين روى هَذَا الحَدِيث عَن ثَلَاثَة من الصَّحَابَة وهم أَبُو هُرَيْرَة وسلمان وَأَبُو الدَّرْدَاء وَحَيْثُ أطلق الصَّحَابِيّ فِي بعض هَذِه الرِّوَايَات اراد بِهِ اُحْدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فاختصر وَكَذَلِكَ لما رَوَاهُ مُرْسلا وَذَلِكَ من تصرف الرَّاوِي عَن ابْن سِيرِين وكل ذَلِك صَحِيح الْجمع بَين جَمِيع الرِّوَايَات مُمكن فَلَا يكون فِي ذَلِك تنَاقض وَالله أعلم وَلَا يَنْبَغِي تَخْصِيص الْعِبَادَات بأوقات لم يخصصها بهَا الشَّرْع بل يكون جَمِيع أَفعَال الْبر مُرْسلَة فِي جَمِيع الْأَزْمَان لَيْسَ لبعضها على بعض فضل إِلَّا مَا فَضله الشَّرْع وَخَصه بِنَوْع من الْعِبَادَة فان كَانَ ذَلِك اخْتصَّ بِتِلْكَ الْفَضِيلَة تِلْكَ الْعِبَادَة دون غَيرهَا كَصَوْم يَوْم عَرَفَة وعاشوراء وَالصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل وَالْعمْرَة فِي رَمَضَان وَمن الْأَزْمَان مَا جعله الشَّرْع مفضلا فِيهِ جَمِيع أَعمال الْبر كعشر ذِي الْحجَّة وَلَيْلَة الْقدر الَّتِي هِيَ خير من ألف شهر أَي الْعَمَل فِيهَا أفضل من الْعَمَل فِي ألف شهر لَيْسَ فِيهَا لَيْلَة الْقدر فَمثل ذَلِك يكون أَي عمل من اعمال الْبر حصل فِيهَا كَانَ لَهُ الْفضل على نَظِيره فِي زمن آخر
فَالْحَاصِل أَن الملكف لَيْسَ لَهُ منصب التَّخْصِيص بل ذَلِك الى الشَّارِع وَهَذِه كَانَت صفة عبَادَة رَسُول الله ﷺ قَالَ الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكَبِير بَاب من كره ان يتَّخذ الرجل صَوْم شهر يكمله من بَين الشُّهُور أَو صَوْم يَوْم من الْأَيَّام وسَاق فِيهِ من الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث أبي سَلمَة عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله ﷺ يَصُوم حَتَّى نقُول لَا يفْطر وَيفْطر حَتَّى نقُول لَا يَصُوم وَحَدِيث عَلْقَمَة قَالَ قلت لعَائِشَة رضى الله عَنْهَا هَل كَانَ رَسُول الله (صلع يخص من الْأَيَّام شَيْئا قَالَت لَا كَانَ عمله دِيمَة
قَالَ الْأَمَام الشَّافِعِي وأكره ان يتَّخذ الرجل صَوْم شهر يكمله كَمَا يكمل
1 / 51