بسم الله الرحمن الرحيم
وبالله المستعان وعليه التكلان
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد .. .. فهذا كتاب يسمى أزهار العروش في أخبار الحبوش، لخصته من كتابي المسمى: رفع شأن الحبشان، والله المستعان.
ذكر أصل الحبوش
قال الإمام أحمد في مسنده وابن سعد في الطبقات معا: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي عن سعيد بن أبي عروبة. عن قتادة عن الحسن عن سمرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش» , أخرجه الترمذي وحسنه. وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم، والحاكم في المستدرك وصححه.
وقال البزار في مسنده: حدثنا إبراهيم بن هاني وأحمد بن الحسين عن عباد أبو العباس قالا:
صفحة ١٩
حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي: حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد نوح سام وحام ويافث: فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان»، أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه في التفسير، ولفظه: قال: «ولد نوح ثلاثة: فسام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم»، وأخرجه الخطيب البغدادي في ثاني التلخيص، كلهم عن طريق محمد بن يزيد.
وقال البزار: لا نعلم أحدا أسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبا هريرة بهذا الإسناد، تفرد به يزيد وتفرد به ابنه، ورواه غيره من قول سعيد بن المسيب مرسلا.
قلت: يزيد وثقه أبو حاتم وضعفه يحيى وغيره.
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا خالد بن خداش بن عجلان، أخبرنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: ولد نوح ثلاثة: سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم، وفي كل هؤلاء خير، وولد حام السودان والبربر والقبط، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، أخرجه الحاكم في المستدرك.
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: ولد لنوح سام، وفي ولده بياض وأدمة، وحام، وفي ولده سواد وبياض قليل، ويافث، وفيهم الشقرة والحمرة، أخرجه ابن جرير في تاريخه.
صفحة ٢٠
وقال وكيع ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده وعن ابن مسعود: أن نوحا اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال: تنظر إلي وأنا أغتسل: خار الله لونك أسود، فهو أبو السودان. أخرجه الحاكم في المستدرك، وتعقبه الذهبي في مختصره فقال: محمد ضعفوه.
وقال ابن جرير في تاريخه، ثنا ابن حميد، ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: يزعم أهل التوراة أن نوحا نام فانكشف عن عورته فرآها حام فلم يغطها، ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا فواريا عورته. فلما هب من نومته علم ما صنع حام وسام ويافث فقال: ملعون كنعان بن حام، عبيدا يكونون لإخوته. وقال: يبارك ربي في سام ويكون حام عبد إخوته. ويقرض الله يافث ويحل في مساكنه سام ويكون كنعان عبدا لهم.
قال ابن جرير: وقال محمد بن إسحاق: إن نوحا دعا لسام بأن يكون الأنبياء والرسل من ولده. ودعا ليافث بأن يكون الملوك من ولده, ودعا على حام بأن يتغير لونه، ويكون ولده عبيدا لولد سام ويافث. قال: وذكر في الكتب أنه رق على حام بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة في إخوته.
وعن عطاء قال: دعا نوح على حام أن لا يعدو شعر ولده آذانهم، وحيث ما لقي ولده ولد سام استعبدوهم.
صفحة ٢١
وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في فتوح مصر: حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس القتباني عن حنش بن عبد الله الصنعاني، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما قال: كان لنوح عليه السلام أربعة من الولد: سام وحام ويافث ويحطون: وأن نوحا رغب إلى الله وسأله أن يرزقه الإجابة في ولده وذريته حين تكاملوا بالنماء والبركة، فوعده ذلك، فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر، فنادى سام فأجابه يسعى، وصاح سام في ولده فلم يجبه أحد منهم إلا ابنه أرفخشذ، فانطلق به حتى أتياه، فوضع نوح يمينه على سام وشماله على أرفخشذ وسأل الله أن يبارك في سام أفضل البركة وأن يجعل الملوك والنبوة في ولد أرفخشذ، ثم نادى حاما، فتلفت يمينا وشمالا ولم يجبه ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده، فدعا الله نوح أن يجعل ولده أذلاء. وأن يجعلهم عبيدا لولد سام.
وقال ابن سعد: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نزل بنو سام المجدل سرة الأرض، وهو فيما بين ساتيدما إلى البحر، وما بين اليمن إلى الشام، وجعل الله النبوة والكتاب والجمال والأدمة والبياض فيهم، ونزل بنو حام مجرى الجنوب والدبور، ويقال لتلك الناحية: الداروم، وجعل الله فيهم أدمة وبياضا قليلا، وأعمر بلادهم وسماءهم، ورفع عنهم الطاعون، وجعل في أرضهم الأثل والأراك والعشر والغاف والنخل، وجرت الشمس والقمر في سمائهم، ونزل بنو يافث الصفون مجرى الشمال والصبا، وفيهم الحمرة والشقرة، وأخلى الله أرضهم فاشتد بردها، وأخلى سماءها فليس يجري فوقهم شيء من النجوم السبعة الجارية لأنهم صاروا تحت بنات نعش والجدي والفرقدين، وابتلوا بالطاعون، أخرجه ابن جرير في تاريخه.
قال ابن الجوزي: ولد لحام كوش وتيرش وموعج وبوان، ومن ولد بوان الصقالبة والنوبة والحبشة والهند والسند.
وقال غيره: الحبشة من ولد حبش بن كوش بن حام.
صفحة ٢٢
ذكر ما ورد في الحبشة من الأحاديث
قال الطبراني في معجمه حدثنا يحيى بن عبد الباقي المصيصي ثنا أحمد بن عبد الرحمن ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ثنا أبين بن سفيان المقدسي عن خليفة بن سلام عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة، لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن». قال الطبراني: يعني بالسودان الحبش، أخرجه ابن حبان في الضعفاء، والحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه. وأبين مصغر ضعيف، والطرائفي قال فيه أبو حاتم: صدوق، وقال أبو زرعة وغيره: لا بأس به، وكذبه ابن نمير.
وقال يعقوب بن شيبة ثنا سليمان بن صالح: حدثني عبد الله يعني ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سادات السودان أربعة: لقمان الحبشي والنجاشي وبلال ومهجع»، أخرجه ابن عساكر في تاريخه.
وقال الطبراني: ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا عمارة بن زادان عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السباق أربعة: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبش». أخرجه الحاكم في المستدرك وابن مردويه في تفسيره. وقال الذهبي: عمارة واه، ضعفه الدارقطني.
صفحة ٢٣
وقال ابن عدي في الكامل ثنا علي بن سراج المصري ثنا عطية بن بقية بن الوليد حدثنا أبي عن محمد بن زياد عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السباق أربعة: أنا سابق العرب وبلال سابق الحبشة وصهيب سابق الروم وسلمان سابق فارس»، أخرجه ابن مردويه في تفسيره، وابن عساكر في تاريخه. قال ابن عدي: لا يعرف هذا الحديث إلا لبقية عن ابن زياد. وقال ابن جوصا: سألت محمد بن عوف عنه فقال: منكر. وقال ابن أبي حاتم في العلل: سمعت أبي وأبا زرعة يقول: هذا حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد.
وقال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلال سابق الحبشة»، أخرجه ابن عساكر.
وقال الطبراني في الأوسط: حدثنا هاشم بن مرثد ثنا آدم ثنا إسرائيل عن جابر عن عبد الله بن يحيى عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} قال: بعث الله عبدا حبشيا نبيا فهو ممن لم يقصصه الله على محمد صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه. وفي لفظ لابن أبي حاتم قال: بعث نبي من الحبش فهو ممن لم يقصه على محمد.
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا أبو أحمد ثنا شريك عن جابر عن عبد الله بن يحيى عن علي بن أبي طالب قال: كان نبي أصحاب الأخدود حبشيا. وعبد الله بن يحيى وثقه النسائي وضعفه البخاري، وجابر هو الجعفي ضعيف.
قال وكيع: أخبرنا سفيان عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان لقمان عبدا حبشيا نجارا، أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المملوكين وابن أبي حاتم وابن وكيع. حدثنا إسرائيل عن جابر عن عكرمة قال: كان لقمان نبيا، أخرجه ابن أبي حاتم.
صفحة ٢٤
وقال ابن عدي: حدثنا جعفر بن أحمد بن مروان، حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثنا حبيب بن أبي حبيب، حدثنا عبد الله بن عامر عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا: «أن الحبشة أنجداء وأن فيهم ليمنا فاتخذوهم».
وقال ابن الجوزي: لا يصح حبيب كاتب مالك يكذب.
[وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمران: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدخل بيته حبشيا أو حبشية أدخل الله بيته بركة»].
وقال البزار: حدثنا الفضل بن يعقوب الجزري ورزق الله بن موسى قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا خير في الحبشة، إن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخصلتين حسنتين: إطعام الطعام وبأسا عند البأس» أخرجه ابن عساكر. وعوسجة قال الذهبي: مجهول، وقال البخاري: لا يصح حديثه.
وقال الترمذي: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا معاوية ابن أبي صالح، حدثنا أبو مريم الأنصاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة»، رجاله ثقاة. وقال الترمذي: الأصح وقفه على أبي هريرة.
وقال أحمد: حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح عن كثير بن مرة عن عتبة بن عبد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخلافة في قريش، والحكم في الأنصار، والدعوة في الحبشة». رجاله موثقون.
صفحة ٢٥
قال الطبراني في الأوسط: حدثنا أحمد، حدثنا محمد بن عمار الموصلي، حدثنا عفيف بن سالم عن أيوب بن عتبة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر: أن رجلا من الحبشة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الله فضلكم علينا بالألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت مثل ما آمنت به، وعملت بمثل ما عملت به أني لكائن معك في الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم» ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله. ومن قال: سبحان الله كان له مائة ألف حسنة».
فقال رجل: يا رسول الله [كيف] نهلك بعد هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إن الرجل ليجيء يوم القيامة بعمل لو وضع على جبل لأثقله. فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد تستنفد ذلك كله لولا ما يتفضل الله من رحمته»، ثم نزلت {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} إلى قوله {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا} فقال الحبشي: وهل ترى عيني في الجنة ما ترى عينك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم». فبكى الحبشي حتى فاضت نفسه. قال ابن عمر: فأنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده. أخرجه ابن حبان في الضعفاء. وقال: أيوب فاحش الخطأ. وقال الطبراني: تفرد به عفيف.
صفحة ٢٦
ذكر لعب الحبشة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
أخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنديهما وأبو داود بسند صحيح عن أنس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعب الحبشة لقدومه بحرابهم فرحا بذلك. وأخرج أحمد عن أنس قال: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: محمد عبد صالح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يقولون؟ قال: يقولون: محمد عبد صالح.
وأخرج البخاري عن عائشة قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بثوبه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهم أمنا بني أرفدة». يعني من الأمن. قال الزركشي: أرفدة، بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء جد الحبشة. وفي الصحاح قال أبو عمرو: بنو أرفدة جنس من الحبشة يرقصون.
صفحة ٢٧
ذكر ما أنزل فيهم من القرآن
أخرج النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن حبان وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى} قال: هم الوفد الذين جاؤوا مع جعفر وأصحابه من أرض الحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: ما ذكر الله به النصارى من خير فإنما يراد به النجاشي وأصحابه.
صفحة ٢٨
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن ابن عباس: أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا، فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد. فلما رأوا ما بالمؤمنين من حاجة قالوا: يا رسول الله: إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل [الله] فيهم {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى قوله {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون} قال: تلك النفقة التي واسوا بها المسلمين: فلما نزلت هذه الآية قالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم } فزادهم النور والمغفرة.
وأخرج النسائي والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس قال: لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلوا عليه»، قالوا: يا رسول الله نصلي على عبد حبشي؟ فأنزل الله {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله} - الآية.
صفحة ٢٩
ذكر ما ورد في القرآن بلغة الحبشة
أخرج ابن أبي حاتم في قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال: تلقاءه بلسان الحبشة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {يؤمنون بالجبت والطاغوت} قال: الجبت اسم الشيطان بالحبشة، والطاغوت الكاهن.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: الجبت الشيطان بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس: أن نافع الأزرق قال لابن عباس: أخبرني عن قول الله تعالى {إنه كان حوبا كبيرا} قال: إثما كبيرا بلغة الحبشة.
صفحة ٣٠
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله تعالى {إن إبراهيم لحليم أواه} قال: الأواه الموقن، وفي لفظ المؤمن، بلسان الحبشة.
وأخرج وكيع وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل: الأواه الدعاء بلحن الحبشة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله تعالى {يا أرض ابلعي ماءك} قال: بالحبشة ازدريه.
أخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله تعالى: {يا أرض ابلعي ماءك} اشربي بلغة الهند.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمة بن تمام الشقري في قوله تعالى: {وأعتدت لهن متكئا} قال: هو بكلام الحبش، يسمون الترنج متكئا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {طوبى لهم} قال: طوبى اسم الجنة بالحبشة.
صفحة ٣١
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: طوبى اسم الجنة بالحبشة.
وأخرج ابن جبير وأبو الشيخ عن سعيد بن مسجوح قال: طوبى اسم الجنة بالهندية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: {تتخذون منه سكرا} قال: السكر بلسان الحبشة الخل.
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس في قوله تعالى: {طه} قال: هو كقولك: يا محمد بلسان الحبشة.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: طه بالحبشة يا رجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة [في قوله] {وحرم} وجب بالحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {حصب جهنم} قال: حطب جهنم بالزنجية.
صفحة ٣٢
وأخرج [ابن مردويه] عن ابن عباس في قوله تعالى: {كطي السجل للكتاب} قال: السجل بلغة الحبشة الرجل. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى {كمشكاة} قال: المشكاة الكوة بلغة الحبشة.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن سعيد بن عياض الثمالي قال: المشكاة الكوة بلسان الحبشة.
وأخرج ابن جرير عن أبي ميسرة في قوله تعالى: {أوبي معه} قال: سبحي بلسان الحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم في قوله تعالى {سيل العرم} قال: العرم بالحبشة، وهي المسناة التي يجمع فيها الماء ثم ينشف.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى {تأكل منسأته} قال: المنسأة العصا بلسان الحبشة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى {يس} قال: يا إنسان بالحبشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل في قوله تعالى: {وإنه أواب} قال: الأواب المسبح بلسان الحبشة.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري في قوله تعالى {يؤتكم كفلين} قال: ضعفين بالحبشة.
صفحة ٣٣
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله تعالى: {إن ناشئة الليل} قال: قيام الليل بلسان الحبشة. إذا قام الرجل قالوا: نشأ.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله تعالى: {إن ناشئة الليل} قال: هي بالحبشة قيام الليل.
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {إن ناشئة الليل} قال : إذا قام من الليل فهي بلسان الحبشة نشأ فلان قام من الليل.
وأخرج ابن جرير وابن عباس في قوله تعالى: {السماء منفطر به} قال: ممتلئة به بلسان الحبشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {فرت من قسورة} قال: الأسد يقال له بالحبشة قسورة.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى: {إنه ظن أن لن يحور} قال: [أن لن يرجع] بلغة الحبشة.
صفحة ٣٤
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى: {إنه ظن أن لن يحور} قال: لن يرجع ألا تسمع الحبشي إذا قيل له: حر إلى أهلك أي ارجع إلى أهلك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله تعالى: {وطور سينين} قال: سينين الحسن بلسان الحبش.
وفي فنون الأفنان لابن الجوزي قال: {الأرائك} السرر بالحبشة [قال: {يصدون} معناه يضجون بالحبشة].
وفي البرهان لشيذلة والإرشاد للواسطي ولغات القرآن لابن القاسم في قوله تعالى: {كوكب دري} قال: الدري المضيء بالحبشة. وذكر الأخير: أن في قوله تعالى: {وغيض الماء} أن معناه نقص بلغة الحبشة.
وذكر شيذلة: أن السندس رقيق الديباج بالهندية.
فهذه ثلاثون كلمة تتبعتها. ولم يذكر منها ابن الجوزي في كتابه تنوير الغبش في فضل السودان والحبش إلا ألفاظا يسيرة جدا.
صفحة ٣٥
ذكر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم من لغة الحبشة
أخرج البخاري وأبو داود عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت: قدمت من أرض الحبشة وأنا جويرية فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم بخميصة لها أعلام فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الأعلام بيده ويقول: «سناه سناه»، يعني الحسن بالحبشة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أم خالد بنت خالد قالت: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال: من ترون أكسو هذه؟ فسكت القوم. فقال: ائتوني بأم خالد، فأتي بها، فألبسنيها بيده فقال: أبلي وأخلقي، يقولها مرتين، وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أصفر وأحمر ويقول: يا أم خالد هذا سناه، والسناه بلغة الحبشة الحسن.
وأخرج أحمد عن حذيفة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: {علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}، ولكن أخبركم بشرائطها، وما يكون بين يديها: أن بين يديها فتنة وهرجا قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال: بلسان الحبشة القتل.
صفحة ٣٦
ذكر الإشارة إلى هجرة الحبشة وإسلام النجاشي
أخرج ابن سعد عن الزهري قال: لما كثر المسلمون وظهر الإيمان وتحدث به [ثار] ناس كثير من المشركين بمن آمن فعذبوهم وسجنوهم وأرادوا فتنتهم عن دينهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفرقوا في الأرض». فقالوا أين نذهب؟ فقال: «ههنا»، وأشار بيده إلى الحبشة، وكانت أحب الأرض إليه أن يهاجر قبلها، فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين منهم من هاجر معه بأهله، ومنهم من هاجر بنفسه حتى قدموا أرض الحبشة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن قتادة: أن أول من هاجر إلى الله بأهله عثمان بن عفان ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط».
وأخرج أحمد والنسائي عن أبي موسى: أن أسماء لما قدمت لقيها عمر في بعض طريق المدينة فقال: الحبشية هي؟ قالت: نعم. فقال: نعم القوم أنتم، لولا أنكم سبقتم بالهجرة فقالت هي [لعمر]: نعم. كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل راجلكم ويعلم جاهلكم، وفررنا بديننا، أما أنا لا أرجع حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فرجعت إليه فقالت له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل لكم الهجرة مرتين: هجرتكم إلى المدينة، وهجرتكم إلى الحبشة».
صفحة ٣٧
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان أتى النجاشي فمات، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بأم حبيبة وأنها بأرض الحبشة، زوجها إياه النجاشي، ومهرها أربعة آلاف، ثم جهزها من عنده، وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة، وجهازها كله من عند النجاشي.
وأخرج أحمد عن جابر: أن راهبا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندس فأرسل بها إلى النجاشي، وكان قد أحسن [إلى] من فر إليه من أصحابه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي أمامة قال: قدم وفد النجاشي على النبي صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم، فقال أصحابه: نحن نكفيك. فقال: «إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين وإني أحب أن أكافئهم».
صفحة ٣٨