فمن ذلك أنا لم نر قريشيا انتسب إلى قبيلة من قبائل العرب، وقد رأينا في قبائل العرب الأشراف رجالا- إلى الساعة- ينتسبون في قريش، كنحو الذي وجدنا في بني مرة بن عوف، والذي وجدنا من ذلك في بني سليم، وفي خزاعة، وفي قبائل شريفة.
ومما بانت قريش أنها لم تلد في الجاهلية ولدا قط [لغيرها] ولقد أخذ ذلك منهم سكان الطائف، لقرب الجوار وبعض المصاهرة، ولأنهم كانوا حمسا، وقريش حمستهم.
ومما بانت به قريش من سائر العرب أن الله تعالى جاء بالإسلام وليس في أيدي جميع العرب سبية من جميع نساء قريش، ولا وجدوا في جميع أيدي العرب ولدا من امرأة من قريش.
ومما بانت به قريش من سائر العرب أنها لم تكن تزوج أحدا من أشراف العرب إلا على أن يتحمس، وكانوا يزوجون من غير أن يشترط عليهم، وهي عامر بن صعصعة، وثقيف. وخزاعة، والحارث ابن كعب، وكانوا ديانين، لذلك تركوا الغزو لما فيه من الغضب والغشم، واستحلال الأموال والفروج.
ومن العجب أنهم مع تركهم الغزو كانوا أعز وأمثل؛ مثل أيام الفجار وذات كهف.
ألا ترى أنهم عند بنيان الكعبة قال رؤساؤهم: لا تخرجوا في نفقاتكم على هذا البيت إلا من صدقات نسائكم، ومواريث أبائكم! أرادوا مالا لم يكسبوه ولا يشكون أنه لم يدخله من الحرام شيء.
صفحة ١٠٣