الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم

العصام الأسفراييني ت. 943 هجري
90

الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم

تصانيف

(والثاني لازمها) الظاهر لازم فائدة الخبر، وفي إيراد الضمير خفاء، وإنما سمي الأول فائدة الخبر، والثاني لازم فائدة الخبر لأن المستحق لاسم الفائدة ما وضع له اللفظ، ولاسم لازم الفائدة ما هو غير الموضوع له، واستفادته لأنه يلزم الموضوع له، وقد نبه صاحب المفتاح على أن هذا اللازم ليس بمعنى اللازم في الجملة، ولو بقرينة، بل من قبيل ما يمتنع انفكاكه عن الشيء فقال: والأولى بدون هذه تمتنع، وهذه بدون الأولى لا تمتنع، أو نبه على أن لزومه باعتبار لزوم استفادته لاستفادة الحكم فقال: والأولى وهذه منبها بتأنيث الأولى، وهذه على إرادة الاستفادتين دون الحكم، وكون المتكلم عالما به. وقد ذكرهما على وجه التذكير حيث قال: ويسمى هذا فائدة الخبر، ويسمى هذا لازم فائدة الخبر، ثم أراد بيان أنه كيف خص إحدى الفائدتين باسم فائدة الخبر، والأخرى باسم لازم فائدة الخبر، فقال: كما هو حكم اللازم المجهول المساواة، يعني كما هو حكم لوازم اللفظ الموضوع المجهولة المساواة في النسبة إلى الوضع، يعني قاعدة القوم أن يجعلوا لوازم الدال بعضها فائدة وبعضها لازم فائدة، فما كان له مزيد اختصاص بالدال حتى كأنه يفهم من حاقه (¬1) يسمى فائدة، ويعتبر من دواخل المقصود به، وما جهل مساواته، بالمختص في الاختصاص سواء ظهر انحطاطه عنه أو لا يعد من لوازم الفائدة، مثلا: فائدة ضرب الحدث والنسبة والزمان لتساوي الثلاثة في النسبة إلى الوضع، والمكان المبهم، والعلة المبهمة، والمقارنة بحال من # أحوال الفاعل- لا يعد فائدته- ولا يجعل من دواخل ما وضع له ضرب مع لزومها اللفظ ضرب، لأنه مجهول المساواة مع الثلاثة، هذا ما ألهمت في حل عبارته، والقوم جعلوا قوله: والأولى بدون هذه تمتنع، وهذه بدون الأولى لا تمتنع، كما هو حال اللازم المجهول المساواة- بيانا لوجه تسمية الثاني لازم الفائدة، يعني تسميتها لازما دون الأولى؛ لأنها لا تمتنع بدونها، كما هو حال اللازم المجهول المساواة، فبعضهم قال: أراد به اللازم الأعم؛ لأنه أحق بمجهولية المساواة من المساوى المجهول المساواة، وبعضهم قال: أراد به ما يشمل الأعم والمساوى المجهول المساواة: ولعمري؛ إن أمثال هذا من العجاب، والشاهد على عجز الممكن حيث وقع من جم غفير من أولي الألباب السابقين في كثير من الأبواب، وعلى أن المنزه ليس إلا الواجب رب الأرباب؛ اللهم لك التنزه والتقدس، ونعوذ بك عما هو لوازم الإمكان من التدنس، وكيف لا ووجه تسمية الأولى فائدة والثاني لازم الفائدة هو الواضح الذي قدمناه، فكيف تلتفت إلى مثل هذا التوجيه مع وضوحه، وكون الثانية لازما أعم واضح؛ فما الداعي إلى جعله من جملة المجهول المساواة؟ ! أو التعبير عنه بمجهول المساواة؟ ! ولا يظن بعاقل ما نسبوه إلى فاضل بيده مفتاح المعاني، وكامل يتنبد ببلاغته ثغور المباني.

بقي أنه كيف صح أن كونه عالما به لازم فائدة الخبر وكثيرا ما يتحقق الحكم، والمتكلم غير عالم به لكونه مخبرا على خلاف علمه؟ فقيل إن الملزوم واللازم عند التحقيق ليس الحكم، وكون المخبر عالما به بل إفادة الحكم وإفادة كونه عالما به، فإن الأولى يمتنع بدون الثانية، والثانية لا يمتنع بدون الأولى.

وقال المصنف، ووافقه العلامة: إنهما عند التحقيق علم المخاطب من الخبر نفسه بهما، فإن علمه من الخبر بالحكم لا ينفك عن علمه بكون المخبر عالما به منه، بخلاف العكس فجعل ملزوما ولازما، باعتبار هذين العلمين، والشارح المحقق ظن أنهما فجعلا اللازم والفائدة نفس العلمين، وخالف المفتاح، وبيانهما ليس موجبا لما ظنه، فليحمل على ما سمعت.

صفحة ٢٣٠