آثار ابن باديس
محقق
عمار طالبي
الناشر
دار ومكتبة الشركة الجزائرية
رقم الإصدار
الأولى عام ١٣٨٨ هـ
سنة النشر
١٩٦٨ ميلادية
تصانيف
ولا يقتصرون في هذه الدعاية على الجالية الإسلامية المقيمة في فرنسا التي ربما تتعرض لخطر الخروج عن أصول الدين، وإنما يطمحون إلى أبعد من ذلك مما أدَّى فعلًا إلى إسلام بعض الفرنسيين من الرجال والنساء (١). ومن ناحية أخرى يزعم أن "هناك حقيقة لا يمكن انكارها وهي أن بين فرنسا والمغرب اتصالًا روحيًا يتمثل في أذهان بعض المفكرين ضربًا من التجاذب العقلي يشبه ما نشأ بين انجلترا والهند" (٢) والواقع أن هذا لا يصدق إلا على شرذمة قليلة تفسخت، وذابت في شخصية الغالب وانفصلت عن صف الشعب المغربي الإسلامي. ويرى أن روح "المحافظة الصلبة" التي تسيطر على الفكر الإسلامي المغربي لا تجيز لأحد أن يفكر في تحقيق الهدف الإستعماري ألا وهو استعمال الحروف اللاتينية بدل الحروف العربية، كما أن السلفيين "المتشددين" لايقبلون استعمال اللهجة العامية التي يروج لها المستشرقون، في الوقت الذي نجد فيه المشارقة يقبلون فيهما النظر (٣). والواقع أن هذا يعود إلى وجود عناصر مسيحية عربية في المشرق، بخلاف المغرب فإنه يخلو من العرب المسيحيين الذين يرتبطون بالثقافة اللاتينية من حيث المعتقد والوجدان، وبالرغم من اعتراف ماسينيون بتأثير المغاربة بالمشارقة فيما يختص بالجامعة الإسلامية والعربية تلك الجامعة التي يدعو لها شكيب أرسلان وفريد وجدي، فإنه يقرر أن "تيار التطوُّر يزداد انحرافًا نحو باريس وإليها لا إلى المشرق، نجد جمهور أهل المغرب يولون وجوههم نحوها" (٤) يريد أن يثبت أن باريس أصبحت قبلة المغاربة المسلمين.
والغريب أنه جعل الجمهور هو الذي انحرف نحو باريس، فلو اقتصر
_________
(١) م. س. ص ٥٩.
(٢) ن. م. ن. ص.
(٣) ن. م. ص ٦٦.
(٤) ن. م. ص ٦٧
1 / 62